لقي 13 شخصا مصرعهم وأصيب 17 آخرون على الأقل في أول هجوم انتحاري من نوعه نفذ بسيارة ملغومة استهدف البوابة الأمنية في منطقة برسس شرقي بنغازي، ليلة أول أمس، يأتي ذلك في وقت اقتحم فيه مسلحون مقر الشركة المزودة للخدمة في طرابلس، وأرغموا بالقوة التقنيين على إغلاق خدمات شبكة المعلومات الدولية الأنترنت. قال معتز العقوري، وهو شرطي يعمل في تلك البوابة الواقعة على بعد 50 كلم شرقي بنغازي، إن “سبعة أشخاص على الأقل قتلوا وتم التعرف على هويتهم، بينما لم يتم التعرف على قتلى آخرين تمزقوا أشلاء نتيجة هجوم انتحاري نفذه مجهول كان يقود سيارة رباعية الدفع”. لكن هذه الحصيلة عرفت ارتفاعا بعد ذلك وفق أرقام رسمية قدمتها السلطات التي أعلنت عن مقتل 13 شخصا وجرح 17 آخرين. وأوضح العقوري أن “الانتحاري حينما وصل إلى البوابة أقدم على تفجير السيارة التي يستقلها في نقطة التمركز، حيث كان يجري أفراد البوابة الاستيقاف الاعتيادي الليلي لتأمين مدخل مدينة بنغازي”. وأشار إلى أنه “من بين القتلى والجرحى مدنيون تزامن مرورهم بالبوابة ساعة الانفجار خلال عملية التدقيق والتفتيش الاعتيادية”، في حين قالت مصادر طبية إن كل القتلى من الجنود. ويفرض أبناء تلك المنطقة إجراءات أمنية صارمة للدخول والخروج من مدينة بنغازي، ومعظم أفراد هذه البوابة من قبيلة واحدة وفي مجملهم ضباط وجنود في الجيش والشرطة. وكانت بوابة “برسس” قد شهدت قبل أيام اشتباكات بين قوات الجيش ومهاجمين بهدف “تحرير” موقوفين محسوبين على التيار الجهادي. على صعيد آخر أجبر مسلحون شركة الاتصالات الليبية على قطع خدمات الأنترنت في البلاد، وبدل أن تقوم السلطات الليبية بملاحقة المسلحين لتسليمهم للعدالة، بدأت في مفاوضات مع المقتحمين في محاولة لإقناعهم بإرجاع خدمة الأنترنت، ما يعكس ضعف الدولة الليبية الجديدة بكل مؤسساتها في مواجهة الكتائب المسلحة. وقال رئيس جهاز الاتصالات في الشركة، مراد بلال، إن عشرات الأشخاص دخلوا إلى مقر الشركة في الضاحية الشرقية لطرابلس وأرغموا طاقمها على قطع الأنترنت. وأوضح أن هؤلاء الأشخاص الذين كانوا مسلحين بسلاح أبيض قالوا أولا إنهم يحتجون على إغلاق موانئ النفط في شرق البلاد، قبل أن يطالبوا بعد ذلك باستقالة رئيس الحكومة. يأتي هذا في وقت اغتال مجهولون، نهاية الأسبوع الماضي، مسؤول استخبارات الجيش الليبي ببنغازي، أثناء زيارة عائلية لمدينة درنة شرقي ليبيا، كما سبقته خلال السنوات الثلاث الأخيرة عدة اغتيالات طالت ضباطا في الجيش والشرطة، ولكنها المرة الأولى التي يتم فيها استعمال العمليات الانتحارية في ليبيا. واغتال مجهولون، أواخر العام المنصرم، مدير الأمن الوطني في بنغازي، العقيد فرج محمد الدرسي، أمام منزله في المدينة التي كانت مهد الانتفاضة على نظام القذافي. كما وقعت، منذ أسابيع، اشتباكات بين قوات الجيش وتنظيم “أنصار الشريعة” في بنغازي، أوقعت عددا من القتلى وأحرق فيه مقر لتنظيم أنصار الشريعة، وقبلها بأيام أقدم متظاهرون على الاحتجاج أمام مقر ميليشيا تابعة لقبيلة مصراتة كانت مستقرة بالعاصمة طرابلس، ما تسبب في مجزرة قتل فيها أزيد من 40 شخصا. وكان البرلمان الليبي قد أصدر قرارا بحل التشكيلات المسلحة أيا كانت تسميتها وتبعيتها، بحيث تبقى مؤسستا الجيش والشرطة دون غيرهما. ويأتي هذا القرار بعد قرارين آخرين صدرا خلال هذه السنة، الأول يقضي بإخلاء طرابلس من التشكيلات المسلحة، والقرار الثاني يأمر بإخراج التشكيلات المسلحة من المدن الليبية كافة. لكن لحد الآن لا توجد أي ملامح جدية لتنفيذ هذا الأمر، فمازالت الميليشيات القبلية والإسلامية متمسكة بسلاحها ومقراتها، بحكم الشرعية الثورية ودورها في إسقاط نظام القذافي وحماية الثورة، وهذا بالرغم من انسحاب كتائب مصراتة من العاصمة طرابلس. وكانت الحكومة الليبية المؤقتة قد أعلنت، قبل أسبوع، أن خسائر ليبيا جراء إغلاق موانئ النفط قدرت بتسعة مليارات دولار، معتبرة أن الميزانية العامة للبلاد ستشهد، العام المقبل، عجزا ماليا في حال استمرار الأزمة.