انتشرت، مؤخرا، في العديد من أحياء العاصمة، ثقافة سينما ثلاثية وخماسية وسباعية الأبعاد، فبعد نجاح الفكرة لأول مرة في الجزائر سنة 2012 بحي سيدي يحيى في العاصمة، أغرت العديد من المستثمرين لدخول هذا السوق، في انتظار انتشارها في عمق الشوارع الشعبية بالجزائر. يعود تاريخ إنشاء أول قاعة سينما “5 دي” في الجزائر إلى سنة 2012، تحديدا إلى 23 مارس 2012، حيث قرر كل من طالب أوبريد حمزة وداود هلة، فتح أول قاعة سينمائية خاصة بتقنية “متعددة الأبعاد”، واختارا حي سيدي يحيى بحيدرة، وهو الشارع الذي يصنف في خانة أرقى الشوارع، بما يجعل من فكرة إنشاء قاعة سينما هناك خطوة جيدة بالنسبة لأي مستثمر. ويبدو أن الصديقين حققا نجاحا كبيرا في ظل تعطش الجزائريين للتسلية، ليقررا بعد عام إنشاء مشروع مشابه، ولكن أكثر تطورا بالمركز التجاري “أرديس” حيث توجد قاعة سينما “7 دي”. وخلال الزيارة التي قمنا بها إلى هذه السينما، اكتشفنا فعلا حجم إقبال الجمهور الجزائري على قاعات السينما، بما يدحض فكرة أن الجمهور الجزائري قرر، منذ زمن طويل، العزوف عن حضور العروض السينمائية، ويؤكد أن فتح مجال الاستثمار في مجال قاعات السينما فكرة جيدة لانتعاش الحركة السينمائية في الجزائر. ورغم أن العروض التي تقدمها قاعتا سينما سيدي يحيى وأرديس لا تصنف في خانة الأفلام السينمائية الحقيقية، إلا أن حجم إقبال الجزائريين لمشاهدة العرض من عدة مناطق من العاصمة ومن مختلف الأعمار كان كبيرا. وحسب القائمين على سينما مركز “أرديس” التجاري، فإن المشروع “الحلم” يتجه نحو ولايات أخرى كجيجل ووهران وعنابة، كما يؤكد سعيدي زهير، المدير العام لسينما “أرديس”: “نعرف إقبالا كبيرا من الولايات الداخلية على قاعات السينما في العاصمة، لهذا قررنا توسيع المشروع”. كما لاحظنا خلال جولتنا في قاعة سينما “أرديس” إقبالا كبيرا من طرف الطلبة تحديدا، الذين لمسنا في إجاباتهم عن سؤال: ما رأيكم في تجربة سينما 7 دي؟ انبهارا كبيرا ورغبة في تعميم المشروع على عروض متنوعة والانتقال أيضا إلى تقديم عروض وفق المفهوم الكلاسيكي للسينما. 100 فيلم من نوع “7 دي” ماذا تقدم؟ تقدم سينما سيدي يحيى وسينما المركز التجاري “أرديس” حوالي 100 فيلم من نوع “الأكشن” والإثارة التي يطلق عليها اسم “اتاركسيون”، وهي أفلام رسوم متحركة مصنفة حسب الأعمار، حيث لا يمكن لصغار السن دخول أفلام الكبار نظرا لما يرافقها من حركات للكرسي قد تسبب أضرارا للأطفال، وقد صادف تواجدنا حضور عائلة تريد الدخول مع أبنائها، غير أن مسؤول البيع على مستوى شباك سينما “أرديس” أبلغهم بضرورة الانتظار حتى انتهاء فقرة الكبار، وتتواصل العروض كل نصف ساعة من العاشرة صباحا حتى العاشرة ليلا. ويوجد في حقيبة سينما “7 دي” بباش جراح حوالي 100 فيلم مدة كل فيلم تتراوح ما بين 10 إلى 15 دقيقة، وهي ليست أفلاما حقيقية، وإنما وصلات موسيقية ومشاهد للحركة السريعة والإثارة، ترافقها حركات الكرسي السريع ومؤثرات صوتية وهوائية يشعر بها الجمهور الجالس في القاعة وهو يرتدي نظارات “ثلاثية الأبعاد” وقد تم ربطه بحزام الأمان كي لا يتعرض للسقوط، في ظل الحركات السريعة للكرسى التي تستجيب لمشاهد الفيلم، وهي أفلام صناعة صينية تشبه أفلام “البلايستيشن”، ومنه فلا يجب أن يعتقد الجمهور بأن رحلتهم إلى السينما ستقودهم لمشاهد أفلام توم كروز مثلا أو براد بيت. مشروع أفلام تروّج للسياحة في الجزائر تشبه قاعة سينما “7 دي” قاعة ألعاب كبيرة، تتوسطها مجموعة من الكراسي في حدود 30 كرسيا بقاعة السينما في “أرديس” و15 بقاعة سينما سيدي يحيى و9 بقاعة سينما باش جراح، وتكون أمام الجمهور شاشة متوسطة الحجم، تعرض الأفلام، بعد أن تنطفئ الأنوار تبدأ الحركات المثيرة والأصوات التي تنقل المشاهد في رحلة مثيرة لمدة 15 دقيقة. وحسب سعيدي زهير، المدير العام لقاعة سينما “أرديس”، فإن الشركة عقدت اتفاقا مع شركة صينية لإنجاز أفلام تروّج للسياحة في الجزائر، ليتم عرضها قريبا في القاعات التي تطمح الشركة لإنشائها في العديد من الولايات. الأحياء الشعبية تعبر نحو التمدن بهدوء البحث عن موقع سينما باش جراح لم يكن أمرا سهلا، فبعد أن قمنا بطرح السؤال التالي على العديد من سكان الحي الذين التقينا بهم، وسألناهم: “هل تعرفون أين تقع سينما سباعية الأبعاد الجديدة بحي باش جراح؟”، وجدنا معظم الإجابات “لا”، بينما استغرب البعض كيف يمكن أن تكون هناك سينما في باش جراح، ولكن هذا الحي الشعبي استقطب أحد المستثمرين في مجال التجارة، ليقوم بإنشاء مشروع “سينما 7 دي”، بالمركز التجاري “حمزة” الشهير ب«ببزار حمزة”، فكرة قادمة من إسبانيا، حيث قادت صاحب المشروع رحلة إلى إسبانيا. زرنا قاعة السينما سباعية الأبعاد المتواجدة بحي باش جراح الذي يعتبر حيا شعبيا نسبيا مقارنة بموقع تواجد أول قاعة سينما مثل هذا النوع في العاصمة، التي اختار لها صاحبها شارع سيدي يحيى الراقي، ما يجعل من الرهان على زبائن حي باش جراح تحديا كبيرا. المنافسة بتخفيض الأسعار يقول صاحب مشروع “سينما 7 دي”، معلم نبيل، إن المناطق الشعبية في الجزائر بحاجة فعلا إلى التفاتة في مجال التسلية، ولأنه ابن المنطقة فهو يعرف جيدا الظروف الصعبة التي كانت يعيشها الحي من افتقار لأبسط وسائل التسلية، كما يقول: “وجدت معارضة من قبل كل من عرفتهم عندما أبلغتهم بقرار فتح السينما بباش جراح”، لكنه قرر المضي في الخطوة بأخذ تخفيض أسعار التذاكر بعين الاعتبار، حيث وضع تسعيرة معقولة مقارنة بمنافسيه، مع توفير العرض العائلي بسعر واحد. وخلال تواجدنا بقاعة سينما باش جراح، اقتربنا من بعض جمهور السينما “7 دي”، لمعرفة انطباعاتهم بعد العرض، حيث لمسنا فرحة وترحيبا كبيرا من طرف عبد النور الذي قدم رفقة ابنتيه وصديقه لمشاهدة العرض، حيث قال: “هذه المرة الثانية التي أزور فيها السينما وهي فرصة جيدة للتسلية”، وعندما سألته هل أنت مستعد للعودة مرة أخرى؟ قال: “بلا شك”.