قال اللّه عزّ وجلّ: {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} سورة الفيل. جاءت سورة الفيل تأكيدًا لوعيد اللّه سبحانه وتعالى للكفّار بعذاب النّار، فجعل اللّه سبحانه سورة الفيل تأكيدًا لسورة الهمزة، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}. وُلِد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد خمسين يومًا من حادثة الفيل، فحينما جاء أبرهة الأشرم من الحبشة ليهدم الكعبة، كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في بطن أمّه، وبعد خمسين يومًا وُلِد النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، والخِطاب موجَّه للنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فكيف يقول اللّه عزّ وجلّ لشيء لم يره النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}. قال بعضهم: {ألَمْ تَرَ} هنا بمعنى (ألَمْ تَعْلَم)، وما دامت (ألم تر) بمعنى (ألم تعلم)، فلِمَ عدل اللّه تعالى عن قوله: (ألم تعلم) إلى قوله: (ألم تر)؟ الحقيقة أنّ الإنسان يتلقّى معلوماته الأوّلية عن طريق السّمع والبصر، قال تعالى: {وَاللّه أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} النَّحل:78. فاللّه سبحانه وتعالى إذا روى قصةً فهي عِبْرة، تبقى إلى نهاية الحياة وعلى مدى الأجيال، وفي هذه السّورة وعيد لقريش ومعاتبة لها وتطمين للنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام. أي يا محمّدًا لا تخف فأنت رسولي، وهذا البيت بيتي، وسابقًا جاء أبرهة الأشرم ليهدمه فانتقمتُ منه، فلا تقلق، إنّي ناصِرُك، وإنّي معك. وللآية الكريمة {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} معنيان: الأوّل، أنّ الّذين يُعارضون النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ويَكيدون له يجب أن يتّعِظوا بأصحاب الفيل. والثاني أنّ اللّه تعالى يعتب على الّذين حماهم اللّه من غزو أبرهة ومع ذلك فهم يكفرون بنَبِيِّه عليه الصّلاة والسّلام.