بعد أيام قليلة تطل علينا ذكرى من أعز الذكريات في تاريخ المسلمين إنها ذكرى ميلاد خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور والذي عاش مجاهدا في سبيل تثبيت دعائم دعوته ورفع رايتها، فكان مثلا أعلى للفداء والتضحية والثبات على المبدأ والعقيدة، وكان مولده صلى الله عليه وسلم في عام الفيل، لهذا كرم الله به مكة منذ كان جنينا في بطن أمه وحادثة الفيل هذه تذكر الناس بنهاية طاغية تجرأ وتجاسر على بيت الله وقبلته. وقبل مولده عليه الصلاة والسلام كان العالم مقسما إلى قوتين عظميتين كأمريكا والاتحاد السوفيتي في عصرنا هذا، وكان العرب حينذاك قلة قليلة العدد والعدة، ورفض العرب التحول عن بيت ابراهيم واستهجنوا غرور أبرهة المجرم الذي اتخذ من اليمن عاصمة لملكه، وطلب من العرب أن يحجوا إلى كنيس سماه القليس وفي تللك الأثناء كان الجنين المبارك يتحرك في بطن أمه وماكان الله ليتخلى عن بلد يستعد لاستقبال سيد الأنبياء والرسل، الذي غير وجه العالم وأرسل الله إلى أبرهة وجيشه ريحا لم يروا مثلها من قبل تحمل على متنها طيورا تقذف على جموعهم حمما، تنفذ في أجسامهم فتجردهم من قواهم تماما كما وصفها القرآن {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ.أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ. تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ } سورة الفيل، وحمى الله بيته وكرم نبيه لينقذ البشرية من عبادة الأوثان ويضللها بحضارة التوحيد. فالعبرة التي ينبغي أن نخرج بها من قبل هذه الذكرى العطرة هي أن الله لن يخذل هذه الأمة أبدا إن عملت بشريعته والتزمت أحكامه وهو سبحانه قادر على أن يحقق النصر لعباده بشرط واحد هو أن يعودوا إلى الإسلام قولا وفعلا وأقول للمتشائمين والمستسلمين إن بوادر النصر تلوح في أفقنا، وأبسط صوها عودة الناس إلى المساجد وإقبالهم على تلاوة القرآن وانتشار الحجاب والنقاب بين المسلمات رغم اشتداد المعركة بين الاسلام من جهة والكفر والعلمانية والإلحاد من ناحية اخرى، فلنغتنم ذكرى ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم لمحاسبة أنفسنا وتقييم علاقتنا مع ديننا خلقا وعبادة وسلوكا، ولنستعد بالتضحية بكل غال ونفيس لدرء المخاطر عن ديننا وأمتنا، ولنتأكد أننا بعد ذلك سننتصر على أعدائنا مهما كان تسليحهم وعددهم وعددهم.