سمعت قائلا يقول ”ينعل بوه اللي ما يحبناش. ينعل بوه اللي ما يحب الجزاير”. فقلت ”مسكين، أكيد أنه فقد عقله”. فقيل لي إنه مسؤول من المسؤولين السامين، فقلت ”هو يقيس جيدا ما سيخسره لو عادت الجزائر إلى الشعب”. سمعنا غرائب.. رئيس مريض يقول لرئيس مجلس دستوري يوم تسليم ترشحه ”جيت نسلم عليك”. وأمين عام حزب جبهة التحرير يقول أمام مناضلين ”طمئنوهم (الشعب) على الحالة الصحية للرئيس. وقولوا لهم بأنه بخير. وقدموا لهم الدليل عما تقولون”. سمعنا غرائب كثيرة. أويحيى، وزير الدولة الجديد، العائد من مراقبة الانتخابات في موريتانيا، يؤكد بأن الرئيس قادر على العمل، وأنه التقاه مرتين، مدة 90 دقيقة، ثم 60 دقيقة، ويصف لنا ذكاء وتركيز الرئيس. من جهته، يحدثنا سلال، الوزير الأول السابق المقبل، عن لقاء جمعه بالرئيس مدة ثلاث ساعات. ثم يأتي من يقول من محيط الرئيس، بأن المترشح بوتفليقة معروف، وهو ليس في حاجة ليقوم بحملة، ويكفيه مجرد النية للترشح للرئاسة، حتى يتحقق له المطلب. فهل وصلت السلطة الفعلية إلى قناعة مفادها أن الجزائر يكفيها الآن رئيس أضعفه المرض؟ إذا ما سارت الانتخابات وفق حساباتها وتخطيطها لها، ستكون العهدة الرابعة، وتحديدا بداياتها، المنعرج الذي تعدل خلاله التحالفات والعلاقات ما بين جماعات الحكم والضغط .. لقد قام محيط الرئيس في المدة الأخيرة بعمل كبير وحاسم. انتزع موافقة رئيس نقابة العمال، وموافقة رئيس الباترونا، ورئيس منظمة المجاهدين، وبعض من رؤوس منظمات الشهداء وأبناء المجاهدين ليشكلوا الحشد المرافق للعهدة الرابعة. صحيح أن التزكية لم تأت نتيجة انضمام أو التحاق جماعي وجاءت من أقلية عددية، إلا أن الطريقة كانت تهدف إلى حشد الصفوف بالعناوين وليس بعدد الأعضاء. وستكون البيانات الموقعة بختم القيادات، من بين أسلحة الانقضاض على خصوم العهدة الرابعة وقصفهم بالخيانة وتهديدهم للاستقرار. تريد السلطة الإقناع بأن مرض الرئيس وغيابه لا يؤثر سلبا على عمل المؤسسات. وتكاد تصل إلى اعتبار وجود الرئيس كعدم وجوده. وإن بنت استراتيجية دخول حملة ”الرابعة” من زاوية الاستقرار، فلأنها لا تملك مشروعا مجتمعيا. ما يلقى إجماع وسط الحكم هو تحالف للبقاء في الحكم. إذن، فما هي حظوظ منافسي الرئيس؟ على الأرجح لن تختلف حظوظ المنافسين عن مصير قيادات أحزاب منعت من تنظيم وقفة أمام مقام الشهيد. فالسلطة تعرف جيدا أنها لو فتحت المجال للمعارضة بتنظيم تجمعات ولقاءات شعبية، أو سمحت بتجمعات في الساحات ستكشف ظهرها وتنكشف لعبتها، لذا تتمسك بقراراتها السياسية المانعة للقاء المواطنين، مستخدمة قوات الأمن بحجة فرض القانون. فهل وقفة أحزاب وقياداتها، أو تجمع شباب مسالم، وجه من وجوه التعدي على القانون وتهديد للسلم؟ إن العبرة بعد عقود من الحكم الشمولي، نعثر عليها في الخطاب الذي يعتمد على تخويف الناس من التغيير ودغدغة عواطفهم بالإشارة إلى أولوية استقرار الجزائر، وهو حق يراد به باطل، لأن سنوات الخطاب والحكم فشلت في تحقيق ذلك الهدف بدليل تكراره. هل هناك بوادر أو مؤشرات على وجود منافسة عادلة بين المترشحين؟ من يؤمن بحكايات ”حجا”، يمكنه الإيمان بعدالة المنافسة. فالطرف المتحكم بقواعد اللعبة لم يعد يهتم بالجوانب البروتوكولية. خطط ليستمر عهده. هل هناك أمل في تنظيم انتخابات مفتوحة على المنافسة ؟ بلخادم وأويحيى في الرئاسة لتمثيل التوازن الذي يحقق الاستمرارية لنظام له دستوره.