استقبلت الإدارة الأميركية نجاح الاجتماع الرباعي في جنيف، في وضع أسس لتسوية الأزمة الأوكرانية بتصريحات متشككة استباقية، علتها نبرة من التهديد بفرض مزيد من العقوبات على روسيا. هذه التصريحات، التي أدلى بها مسؤولون أميركيون كبار، أظهرت كما لو أن واشنطن غير سعيدة بتسوية الأزمة الأوكرانية، ووضع حد للفوضى العارمة التي تجتاح أوكرانيا منذ الإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش، خلال احتجاجات شاركت فيها عناصر قومية متطرفة وقف الغرب بكل ثقله إلى جانبها لإنجاحها. تمكنت الأطراف الأربعة، روسياوالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا من التوصل إلى اتفاق في جنيف في 17 نيسان، تضمن نزع سلاح الجماعات غير الشرعية وإخلاء المباني الساحات والشوارع وإصدار العفو عن المحتجين. كما نص الاتفاق على بدء حوار سياسي فوري في أوكرانيا، بمشاركة جميع الأقاليم ضمن إطار عملية دستورية شاملة. خفف النجاح الذي تحقق في جنيف بشكل ما من التوتر الشديد بين السلطة الحالية في كييف وبين الأقاليم المطالبة بالنظام الفدرالي جنوب شرقي البلاد. تجلى ذلك بشكل خاص في وعود صدرت من كييف حول الحوار مع المناطق الشرقية، وحول إعطاء اللغة الروسية وضعا قانونيا خاصا، إلا أن ذلك لم يمنع المسؤولين الأميركيين من استخدام لغة خشنة غير مناسبة. فقد هدد الرئيس الأميركي باراك أوباما، ووزير خارجيته جون كيري، بفرض عقوبات إضافية على روسيا، إذا لم تعمل على تهدئة الأوضاع وتخفيف التوتر في أوكرانيا، وزاد عليها كيري باتهام موسكو بالمسؤولية عن تأجيج ما وصفها بالاضطرابات الانفصالية. يجدر التذكير بأن الإدارة الأميركية التي رحّبت بإرسال سلطات كييف قوات عسكرية إلى شرق البلاد لقمع الاحتجاجات هناك، طالب رئيسها أوباما قبل شهرين يانوكوفيتش بضبط النفس في التعامل مع المتظاهرين في كييف الذين وصفهم بالسلميين. من جانبها، رأت الخارجية الروسية في تصريحات بعض المسؤولين الأميركيين عقب الاتفاق على بيان جنيف، ما يعكس تزايد استخدام واشنطن للغة العقوبات بدلا من مفردات اللغة الدبلوماسية. وإذ شددت موسكو على أن "هذه اللهجة غير مقبولة مطلقا"، اشارت إلى أن "الولاياتالمتحدة تحاول بعناد تبرئة كييف من مسؤوليتها فيما يحدث من احتجاجات في مناطق جنوب شرقي البلاد"، لافتة إلى أن "هذه الاحتجاجات تعبير مشروع عن استياء أبناء هذه الأقاليم من المس بحقوقهم المشروعة". ولفتت بوجه خاص إلى حرص روسيا على استقرار جارتها التي تتداخل معها وتتمازج تاريخيا وجغرافيا وسكانيا وثقافيا.