الغرامات ضد "بي أن بي باريبا" الفرنسي شكلت رادعا للعديد من الدول رضخت الجزائر للضغوط التي مارستها الولاياتالمتحدة، حيث أرغمت واشنطن عدة دول، تحت وقع التهديد بدفع غرامات مالية واقتطاعات من الأموال المحولة في إطار التعاملات التجارية مع هذا البلد، على الانقياد لقانون داخلي يلزم الدول بالتصريح بالحسابات المالية للرعايا الأمريكيين في دول العالم، في إطار ما يعرف بقانون الرسوم على الحسابات الخارجية "فاتكا". القانون المذكور أقره البرلمان الأمريكي وصادق عليه سنة 2010، ليدخل حيز التطبيق ابتداء من جويلية الجاري، وتعتمده جميع الدول وكأنها مقاطعات تابعة لأمريكا ابتداء من نفس التاريخ، بما فيها الجزائر التي تحضر نفسها للتوقيع على الاتفاق. وجاء رضوخ الجزائر إلى جانب 82 دولة أخرى اعتمدت قانون ”فاتكا” الأمريكي الذي أقرته كتابة الدولة الأمريكية، ويلاحظ أن هذه الدول أصبحت تحتاط من ردود الفعل الأمريكية، خاصة بعد الصفعة التي وجهتها أكبر دولة في العالم للبنك الفرنسي ”بي أن بي باريبا” بفرض غرامة ب9 مليار دولار لارتكابها خروقا مرتبطة بالوساطة المالية مع السودان، تتنافى والقوانين المنصوص عليها من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي نفس الإطار، كشف مصدر بنكي مسؤول ل”الخبر” أن الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية بصدد التوقيع على الاتفاق الذي ستصبح بموجبه البنوك الوطنية مجبرة على التصريح بما تتضمنه جميع الحسابات الخاصة بالرعايا والشركات الأمريكية في الجزائر، لمنع تهرب هؤلاء من دفع الضرائب الأمريكية الخاصة بتعاملاتهم التجارية خارج أرض الوطن. ويأتي قبول الجزائر التوقيع على الاتفاق مع الولاياتالمتحدةالأمريكية واعتماد القانون الأمريكي في الوقت الذي كانت هذه الدولة ترفض فيه إمداد الجزائر بالمعلومات البنكية بدعوى السرية، حتى بالنسبة لتلك المتعلقة بالقضايا الدولية التي فجرتها المحاكم الإيطالية والكندية فيما عرف بفضيحة القرن الخاصة بسوناطراك. للتذكير، فإن القانون الأمريكي للرسوم على الحسابات الخارجية ”فاتكا” والمصادق عليه بأمريكا في 18 مارس جاء لمحاربة التهرب الضريبي. ويأتي هذا القانون في الوقت الذي تعجز فيه الجزائر حتى عن محاسبة المتهربين من دفع الضرائب داخل الوطن، دون الحديث عمن يقومون بتهريب أموال الجزائر من العملة الصعبة وتوظيفها في بنوك أجنبية دون أية محاسبة.