أثار استمرار الحفلات الفنية في عديد الدول العربية، منها الجزائر، جدلا كبيرا، بعد أن تعرض قطاع غزة بفلسطين للقصف. وارتفعت أصوات، في عديد المواقع والمنابر، تنتقد تنظيم هذه الحفلات والمهرجانات الفنية وتخصيص عائداتها لغزة، منها مهرجان تيمڤاد. "الخبر" تناقش القضية مع مجموعة من الفنانين الذين أجمعوا على أهمية النضال بكل الطرق والوسائل المتاحة.. صبّت آراء الفنانين العرب والأجانب الذين تداولوا على ركح مهرجان ثاموڤادي الدولي في طبعته ال 36 بباتنة، وما حملته من جديد لهذا العام، والمتعلق بتخصيص المداخيل والعائدات لأهل غزة، في اتجاه واحد، فبين موجة الانتقادات لمن طالبوا بإلغاء مهرجان تيمڤاد، لأن أهل غزة ليسوا بحاجة إليها لتخدم قضيتهم، ومن يرون فيها مجرد لهو ورقص ولاشيء غير ذلك، وبين منتقد للصور الرهيبة التي تعرض يوميا عبر مختلف وسائل الإعلام على أنها ليست الوحيدة التي من شأنها أن توصل صوت من لا صوت له، إنما الفن من بين أهم هذه الوسائل، فكم من فنان كان له الفضل في تغيير موقف أو رأي أو اتجاه لمجتمع معيّن أو لدولة، سواء كان بصوته أو بأشعار أو بلوحة فنية أو صورة أو بغيرها من أنواع الفنون الأخرى. الفنانة التونسية زهرة لجنف: “الثقافة والفن أكبر سلاح للدفاع عن القضايا الإنسانية” عبرت الفنانة التونسية عن عمق حزنها وتأثرها الشديد بما يحدث من مجازر في قطاع غزة، وما يعانيه الأطفال من تقتيل ليس لهم فيه لا ناقة ولا جمل، وتفاجئها بالأصوات التي نادت بعدم حاجة غزة لمهرجانات غنائية وفنية تدعمها من خلال الغناء والرقص والدف والطبل، بل تحتاج لمن يساندها بالقتال والحرب ضد الصهاينة، مشددة القول أنه بتواصل الفن تستمر وتتواصل الحياة، وأن الثقافة والفن هما أكبر سلاح على مر العصور لدعم القضايا الإنسانية في العالم، لما لهما من تأثير على الشعوب مهما كانت مستوياتها ومعتقداتها.وتحدت في السياق ذاته من أسمتهم بدعاة الفشل والإحباط والركود، بمثل شعبي تونسي يقول “الدوام ينقب الرخام”، بمعنى أن الاستمرارية في العطاء الفني يخدم الشعوب، مثله مثل غيره من الوسائل الأخرى، وأن تواصل مهرجان تيمڤاد أو قرطاج بتونس، من شأنه أن يدعو إلى محاربة العنف والإرهاب كذلك، وأن كل من تسوّل له نفسه المطالبة بوقف مثل هذه المهرجانات، فهو مخطئ، لأن الفن ينهل من القيم الإنسانية، ويلعب الأدوار الأولى في مختلف القضايا الإنسانية عبر العالم. الفنانة الجزائرية سعاد عسلة :“أقول لمثل هؤلاء .. اهتموا بشؤونكم” وجهت الفنانة الجزائرية المغتربة بفرنسا “سعاد عسلة “ انتقادات لاذعة للداعين إلى وقف المهرجانات تضامنا مع الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، في تصريح ل”الخبر” أن الفن نوع من أنواع الدفاع عن أهل غزة، من خلال تأديتها للأغاني على غرار أغنية “سلام سلام” التي ألفتها منذ 6 سنوات لتقدمها كهدية من خلال مهرجان تيمڤاد للجمهور للاستمتاع بها وللتحسيس أكثر بالقضية الفلسطينية. وقالت بنبرة غاضبة في الوقت ذاته، لهؤلاء “أن يهتموا بشؤونهم وأن يتركوا الأشخاص الذين يبحثون عن التقدم والرقي بالفن للدفاع عن القضايا الإنسانية، وما على الفنان هنا سوى أن يتجاهلهم وأن لا يتأثر بمثل هذه الأقاويل”. أضافت سعاد عسلة أنها شاركت بمهرجان تيمڤاد لأول مرة رغبة منها في مساعدة ومساندة أهل غزة على أساس أن المهرجان يدافع عن قيم نبيلة، وأنها وقفت على ركح ثاموڤادي للقول لمن سوّلت لهم أنفسهم لتقتيل الأبرياء كفى .. كفى ..كفى تقتيلا للأبرياء. الشاعر اللبناني “طلال حيدر” ل”الخبر”:“الأمم والأوطان لا تبنى إلا بالفرح” صرح الشاعر اللبناني “طلال الحيدر” ل”الخبر”، على هامش فعاليات مهرجان تيمڤاد الدولي في طبعته ال 36 الموجه هذه السنة لدعم أهل غزة، أن الأمم والأوطان لا تبنى إلا بالفرح وليس بالبكاء والعويل، وللفن أكبر دور في ذلك. مضيفا أن هدف الإنسان الثائر بالحرية والحياة المشرقة، ولذلك الذي يبني بالدم يكون مضطرا لذلك، لأن المستعمر لا يفهم سوى لغة الدم، لكن البناء الثاني يبنى بالإبداع الفني مثل ما يقوم به “كركلا”. مضيفا في سياق آخر أن للشاعر دور كبير وجد مهم في التغيير، بحيث أنه جرى حوارا بين فلاسفة حول الموضوع وبين الفيلسوف الكبير “روني شارل”، هذا الأخير الذي كان لا يعتقد أن الشعر يستطيع وبمقدوره تغيير العالم، ويقول فيلسوف أنه كلما استكانت الفلسفة لمسلّماتها البديهية يأتي المنطق الحدسي منطق الفن، منطق كركلا والإبداع ليهز الفلسفة ويجعلها تعيد النظر في مسلماتها البديهية وأن الإبداع حسبه يغيّر العالم بل الشعر هو الذي يغيّر العالم. واستطرد الشاعر أنه من غير المهم أن ينظر الساسة للفن، وإنما المبدعون فيه من لهم الحق في ذلك، فالتنظير لا يخلق حسبه الإبداع، لأن هذا الأخير يخرج من كل ما هو جميل، فالأفكار على مساحة الوطن العربي. الكوريغرافي اللبناني عبد الحليم كركلا:“الحديث عن غزة سياسة وأنا أرفض الخوض فيه” اعتبر الكوريغرافي اللبناني الشهير عبد الحليم كركلا، أن الحديث على غزة بالرغم من إلحاحنا على سؤاله حول من ربطوا وقف المهرجانات الغنائية تضامنا مع غزة، أنه حديث حول السياسة وهو أمر لا يحبّذه ولا يريد الخوض فيه، غير أن ذلك لم يمنعه من البوح ببعض من مكنوناته، قائلا إن كل إنسان عربي يجب عليه أن يحارب دفاعا على وطنه، وأن ما يحدث في قطاع غزة ضد حقوق الإنسان في العالم أجمع. مضيفا أن النازيين انتهوا منذ فترة زمنية طويلة، وأن الصهاينة ما هم سوى شكل آخر للنازية إنما أكثر قوة من غيرهم. مضيفا أن الفن رسالة سامية للدفاع على مختلف القضايا ضد الظلم، ملمحا أن هؤلاء الداعين إلى وقف المهرجانات كحل لدعم الشعب الغزاوي هم خارج السرب.