خيّرت إدارة البرنامج التلفزيوني الشهير”تالاسا” قبل نحو عامين المخرج والصحفي قييوم بيترون بين تصوير فيلم وثائقي عن كندا أو سواحل الجزائر، فاختار الجزائر التي لم يكن يعرفها من قبل ولم يزرها يوما، ولكنه سمع عنها كبلد يحمل الكثير من التناقضات، فهي بلد العجائب المعقد بقصصه وأخباره، كان الأحلى في عيون المخرج الذي قدم عملا سينمائيا عن الجزائر أعاد نبض الحياة في الطبيعة الخلابة وسلط الضوء على لامبالاة الجزائريين ببلدهم القاهر في الجمال بعنوان “الجزائر لقاء مع البحر”. من خلال عروض خاصة للبرنامج في الجزائر العاصمة وتلمسان عرفت إقبالا جماهيرا كبيرا بمبادرة من المعهد الفرنسي، عاد النقاش حول أهداف الفيلم الذي قدّمه المخرج والصحفي قييوم بيترون الذي حضر ليتحدث عن عمله السينمائي، وكان شغف السائلين مسترسلا، فهذا يسأله عن “أبطال العمل” وآخر عن صعوبات التنقل بين أروقة البيروقراطية في الجزائر، وثالث متشوق لمعرفة خلفية إنجاز قناة فرنسية لفيلم يحكي جمال الجزائر. لمدة أربع ساعات بين عرض الفيلم والنقاش، كانت المتعة والفرجة في قاعات سينماتك العاصمة، أول أمس، حيث دعا المخرج الجزائريين لتصوير حلقات وأفلام عن جمال الطبيعة الجزائرية، بعد أن استقطب فيلمه 2.63 مليون مشاهد جزائري في سهرة العرض الأول عبر التلفزيون الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن رحلته إلى الجزائر التي دامت عاما من أكتوبر 2013 إلى 2014 جعلته يكتشف بلدا بحجم قارة يحمل جمالا خلابا لم يستثمر بالشكل اللازم. للوهلة الأولى يبدو فيلم “الجزائر لقاء مع البحر” عملا يريد الانتقام من البيروقراطية التي وجهها فريق القناة الفرنسية الثالثة في تصوير الفيلم بالجزائر، ليتوغل مع مشاهد الطبيعة الساحرة بالغرب الجزائري بنص ينتقد إهمال المسؤولين في الجزائر للكنوز الطبيعية التي تزخر بها، فبرفقة أربعة جزائريين يمثلون مختلف شرائح المجتمع من الفنانين، الذي سافر معه المغني الشاب محمد بنشات، والاقتصادي، والناشط الإجتماعي والعامل اليومي، كانت رحلة الفيلم طيلة 110 دقيقة مثيرة وشيقة، تضع المشاهد في لقاء مباشر مع يوميات الجزائري وتنقله إلى مشاهد غاية في الروعة والجمال من طبيعة جزائرية لم يحن الوقت بعد للمواطن العادي بأن يستمتع بها في ظل صعوبات الحياة والمشاكل الاجتماعية. هذه الزاوية من الطرح كانت الأكثر حدة في النقاش، ما جعل المخرج يدافع بقوة عن فيلمه، مشيرا إلى أن ما يصفه البعض بأنها رسائل سياسية في الفيلم ما هي إلا انعكاس لعمق المجتمع الجزائري، لا يمكنها أن تخرج الفيلم عن نطاقه الحقيقي الذي يبقى السياحة و الجمال، الذي تأسس عليه برنامج “تالاسا”، منذ سنة 1975، للتسويق لثقافة السفر والسياحة.