استنكرت الجزائر بشدة لائحة للبرلمان الأوروبي، صدرت أول أمس، تتهمها بممارسات “غير مطابقة” لإعلان الأممالمتحدة الخاص بحماية المناضلين المدافعين عن حقوق الإنسان. وتعيب الهيئة التشريعية الأوروبية على الحكومة الجزائرية سجن ناشطين في جمعيات العاطلين عن العمل، وأشهرهم بلقاسم خنشة ورفاقه السبعة المدانين بالسجن من طرف محكمة الأغواط. قال عبد العزيز بن علي الشريف، المتحدث باسم وزارة الخارجية، لوكالة الأنباء الجزائرية، إن “خمسة وثلاثين نائبا أوروبيا من أصل ال751 في البرلمان الأوروبي، صادقوا، اليوم، خلسة على لائحة حول الجزائر، تتنافى تماما مع الروح التي تميز علاقات الحوار والتعاون بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، والديناميكية التي تشهدها علاقات الجزائر مع دوله الأعضاء”. وأوضح بن شريف أن “هذا الفعل العادي الذي اختاره أصحاب اللائحة كحجة، يدل على إصرارهم على المساس بالجو الهادئ الذي يميز الحوار بين الجزائر والشريك الأوروبي، ومحدودية رؤيتهم حتى إزاء مصالح الاتحاد الأوروبي ذاتها. إن المحاولات الفاشلة لهؤلاء الخصوم، الذين يخطئون الزمن والخصم، لا يمكنهم في أي حال من الأحوال المساس أو التشكيك في عزم الجزائر والاتحاد الأوروبي على المضي قدما نحو تعزيز الشراكة ذات المنفعة المتبادلة للطرفين، المنصوص عليها في اتفاق الشراكة”. والملاحظ أن الخارجية الجزائرية، من خلال هذا البيان، تفترض أن يكون البرلمان الأوروبي على نفس الخط مع الاتحاد الأوروبي بخصوص ما يجري من أحداث. لكن الهيئة البرلمانية في أوروبا تتصرف بمثابة سلطة مضادة للحكومات والأجهزة التنفيذية الأوروبية، التي تمثل الاتحاد. فإذا كانت علاقة الحكومات الأوروبية جيدة بالجزائر، فذلك لا يعني بالضرورة أن البرلمان الأوروبي راض بما يجري في بلادنا. وذكرت اللائحة، المنشورة في الموقع الإلكتروني للبرلمان الأوروبي، أن النواب الأوروبيين “يطلبون من السلطات الجزائرية ضمان الحق في حرية التعبير وتأسيس جمعيات، والحق في عقد الاجتماعات السلمية في البلاد”. وقال برلمانيو أوروبا إن “الحق في محاكمة عادلة وفي ضمان الحد الأدنى للحق في الدفاع عن كل المعتقلين، أمر مطابق للمعاهدة الدولية الخاصة للحقوق المدنية والسياسية. غير أن التضييق والتحرش بالمناضلين من أجل الحق في الشغل، والمدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك على المستوى القضائي، ممارسات غير مطابقة لإعلان الأممالمتحدة حول المدافعين عن حقوق الإنسان”. ويفهم من اللائحة أنها تقصد خنشة والمدافعين عن البطالين الذين سجنوا بتهمة المساس بالنظام العام. ويتضح بأن المحامين الذين يدافعون عنهم، ويحملون في نفس الوقت صفة نشطاء حقوق الإنسان، رفعوا إلى البرلمان الأوروبي تقارير مفصلة تدين السلطات الجزائرية. للإشارة، فقد أصدر البرلمان في نفس الجلسة لائحتين أخريين، إحداهما تدين اعتداءات “داعش” على مخيمات اليرموك بسوريا، وثانية تشجب سجن البرلمانية الأوكرانية نادية سافشينكو بروسيا. وأفاد بن علي، في رده الحاد على اللائحة الحادة، بأن الجزائر “التي وقعت اتفاق الشراكة كإطار شامل للحوار والشراكة، تعتزم مواصلة هذه الديناميكية من خلال مشاركة فعالة في مسار مراجعة سياسة الجوار الأوروبية، في ظل احترام سيادتها الوطنية وفي سياق ترقية مصالحها الخاصة”. مشيرا إلى أنه “خلال السنوات العشر من تطبيق اتفاق الشراكة، خضعت مسائل الحكامة والديمقراطية وحقوق الإنسان، بصفة منتظمة، لمبادلات تلبية لطلب الطرفين”. وأضاف الناطق باسم الخارجية: “إن الحوار بين البرلمانيين ما فتئ يتعزز بين الهيئتين التشريعيتين الجزائرية والأوروبية، من خلال عقد 13 جولة حوار، مكن من الاطلاع بشكل أفضل على التطورات الداخلية الجارية في الجزائر وبلدان الاتحاد الأوروبي. وانطلاقا من هنا، فإن المصادقة على هذه اللائحة التي تتعارض وروح الحوار، تمس بمصداقية أصحابها الذين تجرأوا على التشكيك في العدالة الجزائرية، أمام أفعال مدانة هي محل إجراءات قضائية مماثلة في عدد من البلدان الأوروبية”. وعبر مسؤول الخارجية عن “رفض هذا التدخل المشبوه واللامسؤول في الشؤون الداخلية للجزائر، وتلفت وزارة الشؤون الخارجية انتباه الشركاء الأوروبيين إلى الآثار السلبية التي قد تؤثر على تطور العلاقات بين الطرفين، وتجدد عزم الطرف الجزائري على مواصلة وبكل حزم تطبيق الإصلاحات التي باشرها بكل سيادة، وتتطلع إلى بناء شراكة جزائرية أوروبية تحترم خياراتها”.