أثبتت المعارك التي خاضها الجيش الليبي ضد أنصار النظام السابق في سبها كبرى مدن الجنوب، أنه عاجز عن مواجهة التحديات الأمنية والعسكرية التي تهدد الدولة و ”الثورة”، وبينت هذه المعارك أن كتائب الثوار وبالأخص كتائب مصراته هي القوة الضاربة التي بإمكانها مواجهة المخاطر الكبرى التي تواجه الحكام الجدد في طرابلس. فطيلة ثلاثة أسابيع لم يتمكن الجيش الليبي من حسم معاركه ضد أنصار النظام السابق إلا بعد تدخل قوات كبيرة من الثوار معظمهم من قبيلة مصراتة (190 كم شرق طرابلس) التي أثبتت أنها رفقة قبيلة الزنتان أكبر قوتين مسلحتين في نظام ما بعد معمر القذافي، وهذا يشير إلى أن قبائل غرب ليبيا هي المسيطرة الفعلية على الحكم. أما في شرق ليبيا خاصة في مدينة بنغازي، فالصراع الأبرز يتمثل بين قوات الصاعقة التابعة للجيش الليبي وكتائب تنظيم أنصار الشريعة، والاغتيالات والتفجيرات والاختطافات التي طالت مؤخرا نجل قائد قوات الصاعقة وأدت إلى اشتباكات مع ميليشيا مسلحة خلفت 4 قتلى والعديد من الجرحى، كما تعرض أول أمس سائق يعمل بالشرطة العسكرية إلى محاولة اغتيال، ما دفع بالمئات من أهالي بنغازي إلى التظاهر ضد استمرار عمليات الاغتيال والاختطاف في المدينة. والمشكل الآخر الذي تواجهه منطقة شرق ليبيا تمسك المجلس المحلي لإقليم برقة بالمطالبة بحكم فيدرالي، بل ولازالت قوات موالية له تحاصر الموانئ النفطية التي تصدر نحو 75% من إجمالي النفط الليبي، حيث كانت تصدر نحو 600 ألف برميل يوميا من هذه الموانئ. وبحسب وكالة رويترز فإن قادة وقبائل إقليم برقة يضغطون على إبراهيم الجضران قائد المسلحين في الإقليم لفك الحصار على المنشآت النفطية، واصفين الخطوة بغير المفيدة، خصوصاً بعد تراجع صادرات النفط الليبية وما ترتب عنه من خسائر قدرت بسبعة مليارات دولار. وكرد فعل، عبرت قبيلة المغاربة التي ينتمي إليها إبراهيم الجضران وتستولي كتائبه على موانئ النفط، غضبها مما يحدث، في وقت قالت طرابلس إنها قد لا تستطيع دفع المرتبات بسبب الحصار. وسبق أن هدد رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان الميليشيات المسلحة بفك الحصار بعد عدة مهلات طرحها الطرفان، قبل اللجوء إلى القوة لتحرير موانئ النفط المحاصرة في إقليم برقة، وهي أربعة: البريقة ورأس لانوف والسدرة والزويتينة. وفي الجنوب الليبي وبالضبط في مدينة سبها الليبية معقل قبيلة القذاذفة، استغل أنصار الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الصراع القبلي بين قبيلة بنو سليمان العربية، وقبيلة التبو (من أصول تشادية)، لينضموا إلى خريطة الصراع القبلية في المنطقة. سياسيا أعلن المؤتمر الوطني الليبي يوم 20 فيفري المقبل تاريخا لانتخاب هيئة صياغة الدستور المشكلة من 60 عضوا، بعد أن مدد عهدته لعام آخر، في حين كان من المفروض أن تنتهي عهدته خلال هذا الشهر.