إنّ التّدليل على أثر السُّنَّة النّبويّة المطهّرة على الإدارة الإسلامية هو أقواله وأفعاله وتقريراته الإدارية وما يتعلّق بها من حكم وسياسة وإدارة. يقول الأستاذ المرحوم عبّاس محمود العقّاد في حديثه عن محمّد الرّئيس ما نصه: “محمّد الرّئيس هو الصّديق الأكبر لمرؤوسيه، مع استطاعته أن يعتزّ بكلّ ذريعة من ذرائع السّلطان. فهناك الحكم بسلطان الدّنيا. وهناك الحكم بسلطان الآخرة. وهناك الحكم بسلطان الكفاءة والمهابة. وكلّ أولئك كان لمحمّد الحقّ الأوّل فيه. كان له من سلطان الدّنيا كلّ ما للأمير المطلق اليدين في رعاياه، وكان له من سلطان الآخرة كلّ ما للنّبيّ الّذي يعلم من الغيب ما ليس يعلم المحكومون. وكان له من سلطان الكفاءة والمهابة ما يعترف به أتباعه أكفأ كفء وأوقر مهيب، ولكنّه لم يشأ إلاّ أن يكون الرّئيس الأكبر بسلطان الصّديق الأكبر، بسلطان الحبّ والرِّضا والاختيار فكان أكثر رجل مشاورة للرِّجال، وكان حبّ التّابعين شرطًا عنده من شروط الإمامة في الحكم بل في العبادة، فالإمام المكروه لا تَرضى له صلاة. وكان يدين نفسه بما يدين به أصغر أتباعه”.