”همّ يضحك وهمّ يبكي”.. هذا لسان حال المصريين وهم يترقبون بتوجس وتخوف ما ستحمله الأيام المقبلة، والبلاد مقبلة على انتخابات رئاسية مصيرية، وإن شخصية الرئيس المقبل شبه محسومة ومعلومة لدى العامة، غير أن آمال المشتاقين للرئاسة لازالت مستمرة وقائمة، وإن كان الوصول إلى كرسي الرئاسة أمرا مستحيلا. يكفي أن تتوجه ليوم واحد إلى مقر اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية المصرية، الكائن بمقر الهيئة العامة للاستعلامات بمدينة نصر، شرقي القاهرة، لتصطدم بواقع أناس لا يفرّقون بين الحق والواجب، ولا معنى رئاسة دولة، لكن يبقى همّهم الوحيد الوصول إلى كرسي الرئاسة والجلوس عليه. وقد تحوّل مقر اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة إلى مقصد ل«مجاذيب” كرسي الحكم من المهمشين الطامعين في السلطة، والراغبين في الظهور أمام مختلف وسائل الإعلام، لنيل قسط من الشهرة، في بلد أضحى كل من يظهر فيه على شاشة التلفزيون نجما يضاهي نجوم زمن الفن الجميل. «الخبر” انتقلت إلى مقر اللجنة والتقت بمجموعة من ”المشتاقين” لرئاسة مصر، الذين نقلوا لنا تذمرهم من معاملة رجال الأمن والحراسة لهم، ومنعهم من الدخول إلى مقر الهيئة ومقابلة المسؤولين فيها، وتلمس في حديثهم ثقتهم بالرسالة ”الخاوية” التي يحملونها، وهو يحاولون إقناعك بأنهم قادرون على تغيير وضع مصر، وتحقيق المعجزة في بلد يتخبط في جملة من المشاكل على جميع المستويات، لتمتزج لديك رغبة جامحة في البكاء والضحك في آن واحد، لحال هؤلاء. أحمد عبد المطلب: ”السيسي لم يفعل شيئا لمصر غير أنه سجن مرسي” يقول أحمد عبد المطلب، 49 سنة يعمل فنيا بوزارة التربية والتعليم المصرية، حاصل على مؤهل معلم فوق المتوسط، من محافظة أسوان بصعيد مصر، إنه من آل بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم، وأنه يرى أن جميع الأسماء التي قدّمت نفسها للترشح للانتخابات المصرية غير مؤهلة لإدارة شؤون البلاد وإعادة بنائها، ورئاسة دولة بحجم مصر، وأضاف، في حديث ل«الخبر”: ”مع احترامي لجميع الزملاء المرشحين، إلا أني أرى بأنه لا حمدين صباحي ولا السيسي مناسبين، وليس لديهما الخبرة السياسية والاقتصادية التي أتمتع بها، حتى وإن كان المشير السيسي بطلا شعبيا، لكن ليس لديه الخبرة لرئاسة الدولة، كما أنه لم يفعل شيئا طوال الفترة الماضية سوى القبض على مرسي والزجّ به في السجن. وأقول له إن الحل الأمني الذي اعتمدته لن يزيد الوضع إلا تأزما”. واستدرك قائلا: ”لو منحت لي القنوات الفضائية الفرصة، مرة واحدة لا غير، لعرف المصريون والعالم كله ما بوسعي فعله لتغيير حال مصر وتحسينه، ولجمعت مليون توكيل في يوم واحد، ليس فقط 25 ألف توكيل”. وشكا عبد المطلب من طريقة تعامل أجهزة الشرطة معه ومنعه من دخول مقر الهيئة العامة للاستعلامات، رغم اعترافه بعدم استكماله أوراق الترشح المطلوبة، أو حصوله على التوكيلات الموثقة أو دفع مبلغ التأمين والمقدر ب20 ألف جنيه، أي ما يعادل 200 أورو، إلا أنه أصر على الحضور، ليحصل مستقبلا على لقب ”المرشح المحتمل للرئاسيات”، وراح يقول ”أنا مواطن مصري، ومن حقي التقدم لمنصب رئيس الجمهورية”. هاني سمير: ”الإخوان استغلوا الفقراء وسأحلّ القضية الفلسطينية في يوم واحد” أما هاني سمير، صاحب مقهى بأحد المناطق الشعبية بالقاهرة، 34 سنة أب لأربعة أطفال، مسيحي الديانة، مستواه التعليمي الخامسة ابتدائي وحاصل على شهادة محو الأمية، أكد أنه سيخصص برنامجه الانتخابي لفعل الخير حتى يعيش 90 مليون مصري في راحة وسعادة ورخاء، واتهم جماعة الإخوان المسلمين باستغلال الفقراء والطبقة المهمّشة في المجتمع المصري لتنفيذ مخطاطاتها، وحشدها للتصويت لهم في الانتخابات الفائتة. ووعد بتحسين علاقات مصر وإعادتها مرة أخرى إلى الاتحاد الإفريقي بعد تجميد عضويتها، وأن يحلّ القضية الفلسطينية في يوم واحد، ويحسّن علاقة مصر مع جميع الدول الأوروبية، التي يسعى لأن يحصل على مساعدات مادية منها، موضحا ل«الخبر” بأنه يرفض الحل العسكري لحلّ المشاكل، وأن الحل السياسي والتفاوض هو الأنسب. وشدد هاني سمير بأنه لن يعفو عن مبارك ولا عن مرسي، وأن يأخذ القانون مجراه وأن يعاقب جميع المتهمين، وقال إنه في حال إتمام أوراق ترشحه سيختار ”النسر” رمزه الانتخابي. وبينما كنا نتحدث مع هاني، دخل علينا محمد عبد الواحد، صاحب فرقة شعبية، دخل علينا بفرقته حاملا لافتة كبيرة عليها صورة السيسي والزعيم الراحل جمال عبد الناصر ووزير الداخلية محمود إبراهيم، وأوضح بأنه كان ينوي تقديم أوراقه والترشح للرئاسيات إلا أنه قرر، في آخر لحظة، عدم خوض التجربة والانسحاب لصالح المرشح المحتمل عبد الفتاح السيسي، لأنه يراه الشخص الأنسب والأمثل لتولي منصب رئيس البلاد، وأنه سيحفظ مصر وشعبها من أي رئيس جشع ومستبد. عبد المقصود: ”السيسي امتداد للحكم العسكري وصباحي لم يعد مرشح الثورة” وعلى النقيض، رفض أحمد عبد المقصود، 47 سنة مهندس زراعي، ترشيح المشير السيسي للرئاسة، ويرى أن ذلك امتداد للحكم العسكري الديكتاتوري الذي عاث في البلاد فسادا، كما يرى أن حظوظ حمدين صباحي قلّت كثيرا ولن يحصل، حسبه، على ربع الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات الماضية، وبالتالي فالساحة لابد أن ينافس عليها أحد مرشحي الثورة مثله، على حد قوله، إذ يعتبر نفسه صوت الثورة الوحيد بعد تراجع شعبية صباحي. الجيش يوفّر خدمات فندقية للصحفيين على عكس الانتخابات الرئاسية السابقة، وفّرت إحدى النوادي التابعة للجيش المصري خدمات فندقية للصحفيين الوافدين بصفة يومية على مقر اللجنة العليا للانتخابات لاستطلاع آراء ”مجاذيب” الرئاسة، وتغطية المؤتمرات الصحفية التي تعقدها اللجنة، حيث خصص النادي أربع طاولات بشمسيات وأزيد من عشرين كرسيا، ويقدم المشروبات الساخنة والباردة للصحفيين، نظير مبالغ رمزية، وهو ما لم يحصل في الانتخابات الرئاسية السابقة، حيث كان الصحفيين يبقون معرضين للفحات الشمس الحارقة، ويفترشون الجرائد للجلوس عليها على قارعة الطريق. المصريون يحرّرون توكيلات للبرادعي ومبارك وعمر سليمان وحازم أبو إسماعيل كشف المستشار عبد العظيم العشري، رئيس المكتب الفني للمساعد أول وزير العدل المصري، أن عدد التوكيلات المحررة لمرشحي الرئاسة بلغت منذ فتح باب تحرير توكيلات الرئاسة، في ال31 مارس الماضي، على مستوى جميع المحافظات، 505 ألف توكيل، وكان لوزير الدفاع المستقيل، المشير عبد الفتاح السيسي نصيب الأسد. وأكد المستشار العشري، في تصريح ل«الخبر”، أن عملية تحرير التوكيلات تسير بشكل منتظم، ولم يعوقها أي شيء، مشيرا إلى أنهم لم يتلقوا أي شكاوى من حملات المرشحين المحتملين، باستثناء شكاوى تكدّس المواطنين أمام الشهر العقاري. وقد حصلت ”الخبر” على إحصائية تكشف عدد التوكيلات التي حصل عليها المرشحون المحتملون للانتخابات، حيث تصدر قائمة التوكيلات، وبفارق كبير، وزير الدفاع السابق، عبد الفتاح السيسي، والذي حصد نحو 80% من إجمالي عدد التوكيلات، يليه بعد ذلك حمدين صباحي، المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة 2012، والذي حصل على نحو 10% من إجمالي التوكيلات، تلاهما اللواء مراد موافي، مدير جهاز المخابرات العامة السابق، رغم عدم إعلانه اعتزامه خوض سباق الرئاسيات، وكذا الفريق أحمد شفيق، المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة 2012، والمستشار مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك السابق. وفي مفاجأة غير متوقعة، تم تحرير توكيلات لصالح الرئيس المخلوع حسني مبارك، ونائبه الراحل اللواء عمر سليمان، ولاعب كرة القدم الدولي المصري المعتزل محمد أبو تريكة، كما حصل الدكتور محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري السابق، على توكيلات أيضا رغم أنه لم يعلن عزمه الترشح، وكذلك المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وكذا الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، المرشح المستبعد من سباق الرئاسة 2012 لأزمة جنسية والدته. 5 سيدات يدخلن منافسة الرئاسة أبرزهن الراقصة سما المصري لم تخل قائمة الأسماء التي حرر لها توكيلات تمهيدا للترشح للانتخابات الرئاسية في مصر من السيدات، حيث ضمّت القائمة أسماء خمس سيدات، على رأسهن الراقصة الاستعراضية سما المصري، المعروفة بعدائها الشديد لجماعة الإخوان المسلمين، وتقدّم برامج تلفزيونية ساخرة من الإخوان وأنصارهم في قناة ”الفلول” الفضائية، لكن الراقصة الاستعراضية تتمتع بشعبية في الشارع المصري، وعلى الرغم من عدم إعلانها خوض غمار الرئاسيات إلا أنه تم تحرير عدد من التوكيلات لصالحها. وكان الموقف نفسه بالنسبة للدكتورة هالة شكر اللّه، رئيسة حزب الدستور، والمستشارة تهاني الجبالي، عضو المحكمة الدستورية العليا سابقا، إضافة إلى هدى محمد الليثي ناصف، كريمة الفريق الراحل الليثي ناصف قائد قوات الحرس الجمهوري المصري، وزين سيد جاد، مديرة بالجهاز المركزي للمحاسبات، واللتان أعلنتا ترشحهما رسميا للانتخابات الرئاسية. ولم يتجاوز إجمالي التوكيلات التي حررت لهن جميعا تمهيدا لترشحهن ألف توكيل، تصدّرتها هدى الليثي والراقصة سما المصري، بينما حصلت الأخريات على توكيلات لا تتجاوز أصابع اليدين.