تزداد المخاوف من احتمال نشوب مواجهة عسكرية في العاصمة الليبية طرابلس، بين قوات الجنرال خليفة حفتر قائد عملية “كرامة ليبيا” العسكرية وبين الجماعات المسلحة الموالية للمؤتمر الوطني العام الليبي، ما من شأنه إشعال فتيل حرب أهلية في ليبيا، إذ جدد المؤتمر الوطني العام الليبي أمس عزمه على الاجتماع من أجل التصويت ومنح الثقة لحكومة معيتيق، فيما هدد الجيش الليبي التابع للجنرال المتقاعد حفتر بأن المؤتمر (البرلمان) أصبح فاقدا للشرعية، وبالتالي لا يمكنه اتخاذ أي قرار بشأن المستقبل السياسي للبلاد. على خلفية هذه المخاوف تتواصل تطورات الأوضاع السياسية في ليبيا باتجاه منح الغلبة لعملية الكرامة التي أطلقها الجنرال المتقاعد خليفة حفتر الذي أعلن إنهاء مهام المؤتمر الوطني العام الليبي، إذ بعد حصوله على مساندة وحدات من الجيش الليبي والدعم السياسي من رئيس حكومة تصريف الأعمال المؤقتة عبد الله الثني وشريحة واسعة من الشعب الليبي التي خرجت في مظاهرات معلنة تأييد حفتر، جاء الدور على القبائل الليبية. فقد اجتمع أمس أكثر من ألفين من شيوخ وأعيان ووجهاء القبائل الليبية في مؤتمر القبائل والمدن الليبية في مدينة العزيزية (45 كم جنوبطرابلس) ممثلين عن أكبر القبائل الليبية مثل ورفلة وورشفانة التي تستضيف المؤتمر وترهونة والصيعان والمشاشية والأصابعة والمقارحة والطوارق وتاورغاء والعجيلات والنوايل والمجابرة، بحسب ما ذكرته تقارير إخبارية ليبية جاء فيه إعلان المؤتمر تشكيل مجلس لإدارة شؤون البلاد وحل المؤتمر الوطني العام وإلغاء القوانين الصادرة عنة، خاصة قانون العزل السياسي، كما قرر إلغاء قرارات الحكومات المؤقتة باعتبارها صدرت تحت الترهيب والتهديد بالسلاح، كما قرر إلغاء كل الصفقات المعقودة والاتفاقات المبرمة بعد حرب الإطاحة بالنظام السابق، كونها تمت في ظروف استثنائية ومن قبل طرف سياسي لا يحظى بشرعية شعبية. من جانب آخر، قرر المؤتمر حل جميع الميلشيات المسلحة وجمع السلاح وإطلاق سراح جميع المعتقلين، على أن يتولى القضاء البت في التهم المسندة لكل منهم. وذكر بيان مؤتمر القبائل الليبية الذي نقلته وسائل إعلام ليبية أن المجتمعين اتفقوا على تكليف حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها عبد الله الثني بمواصلة مهامها في الفترة القادمة، إلى حين تحديد موعد إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية. وعلى الرغم من عدم تضمن البيان الختامي لاجتماع أعيان قبائل ليبيا المساندة المباشرة لجنرال خليفة حفتر، إلا أن سحب البساط من تحت المؤتمر الوطني العام الليبي واعتباره فاقد الشرعية وتكليف حكومة عبد الله الثني المساندة لحفتر بمواصلة مهامها يعتبر دعما لعملية الكرامة، فيما يرى مراقبون أن عددا من القبائل أبدت رفضها دعم حفتر ما لم يعلن صراحة إعلان القطيعة مع ممارسات ثورة 17 فبراير وممارسات نظام العقيد والبدء في صفحة جديدة. تأتي هذه التطورات على خلفية إعلان غرفة عمليات الكرامة في العاصمة الليبية طرابلس أن أي اجتماع للمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته في أي مكان هو هدف مشروع للمنع والمداهمة والقبض باعتباره عملا غير مشروع، كما اعتبرت الغرفة أن المظاهرات التي خرج فيها آلاف الليبيين للمطالبة بطرد الميليشيات الموالية للمؤتمر الوطني العام الليبي والمحسوبة على التيار الإسلامي بمثابة التفويض لحملة الجنرال حفتر، في تأكيد على أن المؤتمر بصفته أعلى هيئة سياسية في ليبيا لم يعد يتوفر على الشرعية، ما يعني إلغاء الحصانة عن المنتسبين إليه ووضعهم تحت طائلة القانون في حال ثبوت أي تجاوز من طرفهم. وفي السياق ذاته، أعلن مساء أول أمس نحو 40 نائبا من البرلمان الليبي “المؤتمر الوطني العام” من أصل 182 نائب دعمهم للجيش، داعين بقية زملائهم للالتحاق بما أسموه مسار التصحيح وإلغاء تكليف الحكومة الجديدة برئاسة أحمد معيتيق. إلى ذلك، عاد الجنرال خليفة حفتر قائد حركة التغيير في ليبيا للتأكيد على أن ما يحدث ليس انقلابا سياسيا، مشيرا إلى أن المؤتمر الوطني العام انتهت عهدته منذ مدة، وبالتالي هو أول من خرق القانون الليبي، كما أعلن تأييده الكامل لإجراء الانتخابات التشريعية في 25 من الشهر المقبل قائلا “نريد نظاما ديمقراطيا يسعد به الليبيون، والديمقراطية نظام وليست فوضى. نحن في مرحلة فوضى حقيقية والديمقراطية لها شروط”.