شهد النزاع القائم بين بلديتي أقبو وآمالو خلال الساعات الأخيرة تصعيدا خطيرا قد ينتهي بمصادمات عنيفة بين سكان البلديتين، إن لم تتدخل الجهات المعنية لاحتواء موجة الغضب، والسبب يعود إلى خلاف حول مفرغة عمومية، حيث تصرّ بلدية أقبو وتلحّ على خلق مفرغة بالقرب من قرية بيزيو التابعة إداريا لبلدية آمالو، وهذه الأخيرة تبدي إصرارا شديدا لمنع تفريغ النفايات في الموقع الذي تريده بلدية أقبو. ويمر شهر كامل دون أن تتمكن شاحنات بلدية أقبو من جمع النفايات المتراكمة في كل زوايا المدينة، بعد إقدام عشرات الشباب من قرية بيزيو على منعها من الدخول إلى المفرغة. وكردّ فعل من سكان أقبو تم عقد اجتماع بمقر البلدية حضره المنتخبون والمواطنون للنظر في النقطة الوحيدة لجدول الأعمال، وهي إيجاد حل ل«قضية” المفرغة، وانقسم الحاضرون إلى جماعتين؛ إحداهما اقترحت تنظيم “غزوة” نحو قرية بيزيو وفتح المفرغة باستعمال القوة، بينما الجماعة الثانية تطالب بتجنب الفتنة ومواجهة سكان بيزيو، الذين دخلوا بدورهم مرحلة الاستعداد ل«الحرب”، وظلت الخلافات بين سكان أقبو متواصلة طيلة النهار دون التوصل إلى توافق يرضي الجميع. وخلال ليلة الأربعاء إلى الخميس، من الأسبوع الماضي، عرفت مدينة أقبو انزلاقا خطيرا لما قامت مجموعة من المواطنين، بتوجيه من أحد المنتخبين، بتفريغ أزيد من عشر شاحنات لنفاياتها بالطريق الوطني المؤدي لمدخل قرية بيزيو، ومنع سكان هذه القرية من الدخول إلى أقبو للتموّن بالمواد الغذائية مثل الخبز والماء، وهددوا بإلحاق الأذى بالذين يعارضون فتح المفرغة وتحويل أقبو إلى مفرغة عملاقة مفتوحة على الهواء الطلق. وحسب مصادر من مدينة أقبو، فإن سكان بيزيو لم تطأ أقدامهم المدينة كالعادة لقضاء حاجاتهم خوفا على أنفسهم، وفضلوا التوجه إلى مدينة صدوق سالكين الطرق الجبلية الوعرة. نائب رئيس بلدية أقبو، إسقونن، اعتبر الأمر خطيرا ومقلقا، ورفض الكشف عمن أعطى التعليمات لتفريغ الشاحنات عند مدخل قرية بيزيو، واكتفى بالقول إن شهاب الحرب بالمنطقة أصبحت ساطعة. ومن أجل تجنب الفتنة بين سكان بلديتين متجاورتين، قرر والي بجاية، تهامي، استدعاء رئيس بلدية أقبو، بن سبع، ورئيس بلدية آمالو، جمال عزوق، بحضور المدير الولائي للبيئة وعدد من المسؤولين، وقبل الاستماع إلى الطرفين، صبّ جام غضبه على مدير البيئة، واتهمه بالتقاعس والإهمال وعدم إلمامه بكل التفاصيل عن الخلاف الذي يهدد استقرار المنطقة بكاملها، واعتبر الموضوع خطيرا جدا. وعبّر المسؤول ذاته عن غضبه الشديد من موقف رئيس بلدية آقبو، عبد الرحمن بن سبع، الذي تحدى الوالي ورفض تلبية الدعوة وبالتالي مقاطعة اللقاء، وهو ما أكده إسقونن، نائب رئيس البلدية، للوالي، حين قال له إن الرئيس رفض الحضور، بعدها تدخل ممثل عن بلدية أقبو، وقال إن المدينة غارقة في الأوساخ والنفايات، وإن مفرغة بيزيو هي الحل الأمثل، وأكد استعداد البلدية للاستثمار فيها من خلال تحصينها بجدار إسمنتي وتجهيزها بالماء والإنارة الكهربائية في حالة موافقة السكان على إعادة فتحها. رئيس بلدية آمالو اتهم منتخبي أقبو، بحضور الوالي، بالكذب، وقال إن المنتخبين يصرّون على الاحتفاظ بمفرغة بيزيو لأسباب معروفة، وقال إن السكان يعارضون ذلك ومتمسكون بهذا الموقف، موضحا أن المفرغة موجودة فعلا بإقليم بلدية أقبو رغم بعدها عنها بأزيد من 14 كلم، بينما لا تبعد عن المجمعات السكنية لقرى تفريت وبيزيو إلا بأقل من 500 متر، وأضاف أن ما يزعج السكان هو لجوء عمال البلدية إلى وسيلة الحرق للتخلص من النفايات بدلا من إنجاز مركز لردم النفايات، وهو ما أدى لارتفاع عدد المصابين بأمراض السرطان والربو والأمراض الجلدية وغيرها، حسب رئيس البلدية. وتساءل هذا الأخير عن دواعي إحجام منتخبي أقبو عن فتح مفرغة في مناطق أخرى مثل بوشاقور وغيرها، وقال إن بعض المنتخبين تلقوا عمولات من قِبل شركات كبيرة بالمنطقة حتى لا تمس أملاكهم التي هي في الأصل أملاك الدولة. ومع إصرار الوالي على انتزاع حل يرضي الطرفين ويوقف شبح الفتنة الذي يخيم بقوة في سماء الصومام، عبّر ممثل بلدية أقبو عن التزامه بتجسيد الأشغال التي وعدوا بها لصيانة المفرغة، ليطالبه رئيس بلدية آمالو بالالتزام أمام الحضور بصيانة المفرغة وتحديد فترة لغلقها، وهو ما رفض فعله ممثل بلدية أقبو ليتدخل بعدها مير آمالو الذي قال للوالي إن الحل الأمثل هو إنجاز مركز لردم النفايات. وفي ظل عدم توصل الطرفين إلى اتفاق ينهي المعضلة التزم الوالي بغلق مفرغة بيزيو بقرار إداري، إن لم تسارع بلدية أقبو إلى إنجاز مركز لردم النفايات خلال الستة أشهر القادمة. المعارضة بأقبو تتهم رئيس البلدية حسب ممثل قطب المعارضة بمجلس بلدية أقبو، مولود صالحي، فإن المتهم في الأول في الوضعية البيئية الكارثية التي آلت إليها مدينة أقبو هو رئيس البلدية، الذي رفض تنفيذ محتوى اتفاق سابق بين البلدية وممثلين عن سكان بيزيو، والذي يتضمن إنجاز أشغال صيانة بالمفرغة وتوقيف عملية الحرق لما تخلفه من سلبيات على البيئة وصحة المواطن، في انتظار مباشرة الإجراءات القانونية التي تمكّن البلدية من استرجاع مساحة واسعة من المفرغة استولى عليها أحد الصناعيين الكبار من منطقة إيفري. وأوضح صالحي أن المشكل ليس وليد اليوم، ولكنه يعود إلى سنوات مضت، ولأسباب كثيرة تجنب الكشف عنها لم تسترجع هذه المساحات، قبل أن يتدخل رئيس بلدية آمالو الذي اتهم بعض الحضور والمتواطئين بتلقي مقابل مادي من هذا الصناعي المعروف محليا لدفعهم لعدم المطالبة بالقطعة الأرضية. الوضع المتعفن ينذر بكارثة بيئية الخلافات بين المنتخبين زادت من حدة الاحتقان بين المواطنين، بين من يدفع للتعفن من خلال تعمد تحويل الساحات العمومية وساحة البلدية والدائرة ومختلف مصالح الدولة إلى مفرغات عمومية برمي عشرات الأطنان من النفايات ومنع عمال النظافة للبلدية من جمعها، بدعوى دفع المنتخبين إلى التفاهم وإيجاد حل نهائي للمعضلة دون استبعاد اللجوء إلى القوة لفتح مفرغة بيزيو رغم أنف الذين أغلقوها، بينما جناح آخر من المواطنين يدعو إلى التعقل ونبذ العنف والدخول في حوار مع سكان بيزيو من أجل إيجاد حل مؤقت يعيد لمدينة أقبو وجهها المعتاد، وهو المقترح الذي لم يجد صدى لدى الشباب الذين يراهنون على القوة لفرض الحل. وإلى حد اليوم لم يتوصل الطرفان إلى الحل المنشود بسبب تشبث كل طرف بمواقفه، خاصة من جهة أقبو التي يتردد منتخبوها، لأسباب غير معروفة، في توفير الغلاف المالي لإنجاز مشروع مركز ردم النفايات، رغم تأكيد نائب الرئيس عيروش عن استعداد المجلس لتجنيد 50 مليار سنتيم لتجسيد مثل هذا المشروع. وفي انتظار الحل المعجزة تتحدث مصادر من الحركة الجمعوية عن بداية ظهور أعراض وبائية نتيجة للتلوث البيئي، من خلال تسجيل عشرات الحالات لأشخاص من مختلف الأعمار والأجناس أصيبوا بأمراض جلدية وتنفسية وأخرى متعلقة بالحساسية، ولم تستبعد المصادر نفسها ظهور حالات الأمراض المتنقلة عن طريق المياه، بسبب تكدس النفايات بالقرب من شبكات المياه بوسط المدينة والتي تعاني من تسربات كثيرة جدا. عمال النظافة يشتكون التهديدات و«المير” يطمئن أمام إصرار عمال النظافة العاملين لفائدة البلدية على رفض جمع القمامات في الشوارع والأحياء متحدين بذلك تعليمات المنتخبين، اضطر رئيس البلدية إلى استدعائهم لمكتبه لاستيضاح الأمر، حيث أكدوا له تعرضهم لتهديدات من قبل مواطنين، خاصة شباب الأحياء الذين يمنعونهم من القيام بعملهم وترك النفايات تتكدس والروائح الكريهة تنبعث بحدة أكثر من يوم إلى آخر، وذلك قصد استفزاز المنتخبين والدفع إلى التصعيد. وقال أحدهم لرئيس البلدية إنه أصيب بقطعة حديدية من مجهول بوسط المدينة وهو ما دفعه إلى التخلي عن عمله. وطالبوا رئيس البلدية بالتدخل لدى مصالح الأمن لتوفير الحماية لهم خلال القيام بمهام جمع النفايات، وهو ما لم يفكر فيه “المير”، ولم يحظ اقتراح العمال بجمع النفايات بجوار المدارس بالإجماع من قبل المواطنين الغاضبين الذين لا يرون إلا التصعيد بديلا، الأمر الذي جعل أحد المنتخبين يقول بأن “أقبو على فوهة بركان أو على شفة حفرة من انزلاق عظيم”. رئيس بلدية آمالو: “مفرغة بيزيو هي مقبرة سكان القرية” قال رئيس بلدية آمالو، جمال عزوق، إن “الحل الأمثل هو موافقة مجلس بلدية أقبو على إنجاز مركز لردم النفايات وهم في هذه البلدية يملكون الأموال الكافية. ومفرغة بيزيو هي مقبرة السكان خلال السنوات القادمة لو يستمر الوضع على هذا الحال وأنا خائف جدا من الأخطار الصحية التي يشير إليها الأطباء اليوم. وأدعو بلدية أقبو إلى استرجاع مساحات أخرى لتجسيد المشروع مثل اشوقار ومناطق أخرى بعد استرجاع مساحات منها مساحات استولى عليها صناعيون من المنطقة، وأقول لرئيس بلدية آقبو “أوفي بالتزاماتك، سنلتزم بتعهداتنا ولتعد الأمور إلى مجاريها الطبيعية”. نائب رئيس بلدية آقبو: “ملتزمون بتعهداتنا وندعو لإعادة فتح المفرغة” من جهته، قال نائب رئيس بلدية أقبو، عيروش: “ألتزم أمام السلطات والمواطنين بتجسيد التعهدات التي تقدمنا بها، مثل تسييج المفرغة وتدعيمها بالإنارة العمومية وتعيين حراس عليها وتوقيف عملية الحرق، وفي المقابل أطالب رئيس بلدية آمالو بالوقوف إلى جانبنا لإعادة فتح المفرغة والأموال عندنا ليست مشكلة”. والي بجاية: “الوضع حساس ولا وقت لدينا” وفي هذا الموضوع الشائك، صرح والي ولاية بجاية: “الوضع حساس جدا وخلافات المنتخبين خلقت تأخرا كبيرا، ونحن من جهتنا ندعو مواطني البلديتين إلى الهدوء والاحتكام للعقل، وسندافع عن مبدأ إنجاز مركز لردم النفايات وغلق مفرغة بيزيو قبل ستة أشهر”.