عرّت الاشتباكات بين أنصار شباب بلوزداد ومولودية الجزائر التي سبقت “الداربي” العاصمي بملعب 20 أوت 1955 بالعناصر، وزير الاتصال حميد ڤرين وسياسته الفاشلة في الحملة التي قادها للقضاء على العنف في الملاعب الجزائرية، بعدما تزامنت حملاته التحسيسية مع أخذ الظاهرة أبعادا خطيرة حين تحوّلت إلى “حرب شوارع”. تأتي هذه الأحداث أسبوعا فقط على إطلاق وزارتي الاتصال والرياضة والرابطة المحترفة بالتعاون مع الإذاعة الوطنية، بمختلف قنواتها، لحملة تحسيسية لمحاربة العنف، وتبين أنها مجرد شعارات جوفاء موجهة للاستهلاك في غياب آلية فعالة وصارمة من المسؤولين لمكافحة هذه الظاهرة، بداية بوضع حد لما يسمى “روابط” الأنصار أو “الالترا” الذين صاروا مصدر الخطر الحقيقي نظرا لتبنيهم لخطاب يحرض على العنف والفوضى ضد كل النوادي المنافسة لفرقهم، وصولا إلى القضاء على تجارة الألعاب النارية الخطيرة المستعملة من طرف هؤلاء، وأبرزها تلك المسماة “السينيال” التي تستعمل في الملاحة البحرية، والتي تحولت إلى سلاح خطير في يد هؤلاء “المشاغبين”. وتحولت الشوارع القريبة من ملعب 20 أوت 55، صبيحة أمس، إلى ساحة حرب حقيقية بين أنصار مولودية الجزائر وسكان العمارات المحاذية للملعب، مخلّفة إصابات بين الطرفين وخسائر معتبرة في الممتلكات، في مشهد يطرح أكثر من علامة استفهام حول جدوى الحملات التي يرفعها المسؤولون لمحاربة العنف. وتبادل الطرفان التهم حول الجهة المسؤولة عن هذه الأحداث غير المسبوقة. ففي وقت اتهم فيه أنصار مولودية الجزائر سكان العمارات برشقهم عندما كانوا يستعدون لاقتناء تذاكر الدخول، رد هؤلاء بالتأكيد على أن ما حدث كان رد فعل طبيعي على “العبارات الخادشة للحياء” التي رددها أنصار الفريق الزائر مباشرة عند وصولهم إلى الملعب في حدود الساعة السادسة من صبيحة أمس. وفي غياب عناصر الأمن، وبالخصوص وحدات الجمهورية للأمن شبه الغائبة عن تأمين الملاعب منذ الإضراب الأخير، شهدت الشوارع القريبة من الملعب العتيق معارك حقيقية بين الطرفين، استعملت فيها شتى المقذوفات، الأمر الذي خلّف عدة إصابات بالجملة بين الطرفين وتحطيم عشرات السيارات التي كانت مركونة هناك، وهي المشاهد التي تم توثيقها وتداولها بشكل كبير عبر شبكة التواصل الاجتماعي بفضل فيديو صور عبر إحدى شرفات العمارة رقم 14 المطلة على الملعب. واستمرت المعركة لقرابة ساعتين (من السادسة صباحا إلى الثامنة)، قبل أن يتمكن عناصر الشرطة الذين وصلوا تباعا لعين المكان من احتواء الوضع بصعوبة بالغة وقاموا بإدخال أنصار المولودية للمدرجات الخاصة بهم.