رغم الخدمات الجليلة التي قدموها لفرنسا، لا يزال الحركى في هذا البلد يعانون من عدم اعتراف السلطات الفرنسية بهم، على قدم المساواة مع المحاربين الفرنسيين، الذين يتقلدون لقب “مات من أجل فرنسا”، كتكريم معنوي، نظير قتالهم في الحروب التي خاضتها فرنسا في القرن العشرين. طلب ميشال سافان، النائب عن حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، من عبد القادر عريف، كاتب الدولة المكلف بقدامى المحاربين والذاكرة، إطلاعه على المعايير التي يتم بموجبها منح لقب “مات من أجل فرنسا”، لضحايا الصراعات في شمال إفريقيا. وقال النائب في سؤال كتابي له، إن “هذا اللقب الذي جاء به قانون 2 جويلية 1915 لتخليد ذكرى ضحايا الحرب العالمية الأولى، تم توسيع دائرة منحه إلى ضحايا الحرب العالمية الثانية وعمليات الاختطاف وبعض الأمراض، لكن هذا اللقب لا يزال محروما منه كثير من ضحايا النزاعات الحديثة، مثل حرب الجزائر وتونس والمغرب”. وأبرز النائب الذي ينتمي لحزب الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، أن “ممثلين عن منظمات قدامى المحاربين يؤكدون أن هناك ممارسات فيها تمييز، بحيث أن عددا كبيرا من المحاربين لا يحظون بهذا الاعتراف، رغم التشريعات الجديدة الواردة”. وطلب النائب من كاتب الدولة “المبادرة إلى تصحيح هذا الوضع”. ويشكل الحركى، وهم الذين قاتلوا إلى جانب فرنسا ضد أبناء وطنهم الجزائريين في الثورة التحريرية، نسبة كبيرة من هؤلاء المحاربين القدامى الذين لا يحظون بالاعتراف. ويتكتل هؤلاء في فرنسا في جمعيات تمثلهم، تندد في كل المناسبات التاريخية بالاضطهاد والتمييز والجحود الذي قابلتهم به فرنسا. وفي نفس الإطار، ذكرت زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، أمس الأول، في لقاء لها على القناة الفرنسية الثالثة، أنها تعتبر نفسها تحمل جزءا من إرث الزعيم الفرنسي شارل ديغول، خاصة في المواقف المتعلقة باسترجاع السيادة الفرنسية والاستقلال الوطني. لكنها أوضحت أنها لا تنتمي إلى “التيار الديغولي” في فرنسا بسبب خلافها معه حيال سياساته تجاه الجزائر. وأبرزت لوبان، التي تظهر استطلاعات الرأي نموا واسعا في شعبيتها، أن “سياسات ديغول كانت خادعة تجاه الأقدام السوداء والحركى، الذين يحسون اليوم أنهم تركوا يواجهون مصيرهم”. وعاد هذا الطرح بشكل لافت مع ذكرى الفاتح نوفمبر الأخيرة، في الصحف الفرنسية، حيث اختار الكاتب آلان فانسون، مؤلف كتاب “الأقدام السوداء.. المخدوعون في التاريخ”، في مقال له على هوفنغتون بوست، الكتابة عما اعتبره “مسارا تراجيديا حل بالأقدام السوداء في الجزائر”، متحدثا عن “الخذلان” الذي لقيه هؤلاء من “الجنرال ديغول الرئيس صاحب الكاريزما” الذي ظن الأقدام السوداء أنه يستطيع إنقاذهم، بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية الخامسة سنة 1956، لكن هذا الأمل تلاشى وفق الكاتب، بعد أن انتقل ديغول من الدفاع عن “الجزائر فرنسية” إلى “الجزائر في فرنسا” إلى “الجزائر المستقلة” إلى “جزائر الأفالان”، على حد وصفه.