برمجت الجلسة بعد خمس سنوات من التحقيق القضائي الذي انطلق في أعقاب المحضر رقم 92 المنجز من طرف فصيلة الأبحاث للدرك الوطني بتيبازة، التي قدمت لوكيل الجمهورية لدى محكمة القليعة بتاريخ 29 جوان 2009 ملفا ثقيلا يتضمن جميع التجاوزات التي رصدها ضباط الشرطة القضائية الذين وضعوا فترة الحراسة القضائية لمجمع “تونيك” تحت مجهر التحريات طيلة أشهر، أفضت إلى توجيه 11 تهمة للحارس القضائي وذراعه الأيمن آنذاك، خالد فتوحي، المتهم ب”المشاركة”، وهي الفترة التي أعقبت قرار السلطات منع ملاكها الأصليين وهم عائلة جرار من التصرف في الشركة. وتشير وثائق التحقيق الأمني إلى أن المتهم الرئيسي رشيد بوراوي، يواجه تهم “منح امتيازات خاصة غير مبررة للغير، اختلاس الأموال واستعمالها على نحو غير شرعي، مخالفة نظام الصفقات العمومية، تبديد المال العام، إساءة استغلال الوظيفة، التزوير واستعمال المزور، خيانة الأمانة، النصب، مخالفة نظام الصرف، عرقلة مراجعة الحسابات وعدم تقديم الوثائق اللازمة”. لا حاجة لقانون الصفقات نظرت هيئة المحكمة في التقرير الذي أشار إلى ارتكاب الحارس القضائي تجاوزات تتعلق بإبرامه صفقات مع موردين للماء وهم ثلاثة متعاملين، دون اللجوء إلى إجراء المناقصة، إضافة إلى إبرامه صفقات مع أصحاب آبار خاصة بتكتاكة والحطاطبة شفاهية دون عقود، وحصولهم على مستحقات مالية نقدا، ما أدى بهؤلاء إلى التهرب عن المتابعة الجبائية، مع العلم أن الاستهلاك اليومي للماء الموجه لمصنع الكرتون يقدر بكميات ضخمة. ويتضمن الملف، أيضا، قيام الحارس القضائي باتفاق مع ابن شقيق زوجته وهو مالك لمطعم في الجزائر العاصمة، بتزويد المجمع بوجبات سريعة أثناء الاجتماعات، مع وجود متعاملين محليين تتوفر فيهم شروط المسافة القريبة، ناهيك عن صفقة اقتناء أجهزة الإعلام الآلي من مؤسسة متواجدة بتيزي وزو ملك لإحدى إطارات المجمع والتي تربطها علاقة قرابة مع المكلف بالشؤون المالية للمجمع سابقا، وصفقة أخرى استفاد منها المدير التجاري السابق الذي منح امتيازات لفائدة ثلاث مؤسسات يمتلكها أصدقاؤه وهي عملية شراء 26 ألف طن من الورق الموجه للتحويل بمبلغ 12 دينارا للكلغ، مع أن القيمة الحقيقية للفائف الورق المباع هي مابين 30 و35 دينارا، ليتم تصنيعه وبيعه بمبلغ 70 دينارا للكلغ. هل من مزيد؟ جناية أخرى وردت في التحقيق، وهي الخسائر التي تسبب فيها مدير وحدة الاسترجاع آنذاك “ل.ع” المتهم بمنح امتيازات غير مبررة لفائدة شركة “جيباك” حين أصدر قرارا بتاريخ 12 أفريل 2009 يتضمن المفارقة في الوزن بين وحدة “وات” وبين “جيباك”، تتمثل في التلاعب بالوزن، ليصل الفارق إلى 300 كلغ تخسرها “تونيك” في كل عملية. ثلاث تهم ثقيلة للذراع الأيمن تضمن الملف المحرر من مصالح الدرك الوطني اتهامات لمدير الإمداد السابق والذي يوصف بأنه الذراع الأيمن للحارس القضائي، بالضلوع في جناية اختلاس الممتلكات وإساءة استغلال الوظيفة حينما قام بتأجير رافعات تابعة للمجمع لفائدة شركة خاصة لفترات طويلة، تبين بعدها أن الفواتير غير مطبقة لفترة التأجير والمبالغ المحصلة، كما تبين بأن العتاد كان يتم تحويله لفائدة شركات أخرى بطرق ملتوية. إضافة لما سبق، أكد محضر الضبطية القضائية بأن الحارس القضائي تسبب في فرض ضريبة إجبارية على إدارة المجمع قدرت بحوالي 300 مليار سنتيم، بسبب عدم امتثال ذات المسؤول وعدم رده على مرسلات المديرية العامة للضرائب فرع كبريات المؤسسات، ما أجبر مصالح الضرائب على فرض تلك الضريبة ومجموعة من التهم التي نظرت فيها هيئة المحكمة طيلة يوم وليلة من المحاكمة. يذكر أن الإدارة الحالية للمجمع سحبت الدعوى ضد الحارس القضائي وشركائه، بحجة أن التجاوزات المتابع بها وقعت في عهد الشركة الخاصة “تونيك أمبلاج” التي تم تأميمها وتحولت إلى “تونيك للصناعة”، فيما أصرت النيابة على ضرورة تحميل الحارس القضائي مسؤولية التجاوزات التي يتحمل المجمع تبعاتها إلى غاية الآن، فيما أجلت هيئة المحكمة النطق بالأحكام إلى غاية الخامس عشر من شهر جانفي المقبل. من جهته، دافع الحارس القضائي رشيد بوراوي عن فترة تسييره للمجمع الذي كان حسب تأكيداته تحت الإفلاس التجاري، حيث قال إن مهمته تمثلت في حمايته من التفكك ومن الحجز نظرا لكثرة المنازعات بينه وبين المتعاملين العموميين والخواص الذين لجأوا للعدالة من أجل تحصيل حقوقهم، كما أكد بأنه قام بضمان تماسك وحدات الإنتاج وتمكن من تسليم الشركة وهي في حالة إنتاج للسلطات التي أممتها فيما بعد.