انتقد الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، في أول خطاب له حول الهجرة، ما اعتبره “محاولات تسعى لخلق نوع من الخوف لدى المواطنين من المهاجرين”، لافتا إلى أن “الجمهورية الفرنسية يجب أن تثق في قيمها”، مؤكدا أن “مناهضة التمييز العنصري ومعاداة السامية ستصبح قضية وطنية”. واعتبر “ممارستها إهانة للقيم الفرنسية”. وأعاد هولاند، بمناسبة تدشينه متحف الهجرة في فرنسا، إحياء تعهده القديم بمنح حق التصويت في الانتخابات المحلية للمهاجرين، الذي لم يفلح في تجسيده بعد توليه مقاليد الرئاسة سنة 2012، وهو مطلب أراد الرئيس الفرنسي أن يغازل به، حسب تحليلات، عائلة اليسار التي باتت منقسمة حول سياساته حتى في الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه. ولم يخل خطاب الرئيس الفرنسي من توجيه إشارات “طمأنة” للفرنسيين بأن بلادهم ليست مفتوحة أمام المهاجرين بالحد الذي يتحدث عنه اليمين واليمين المتطرف، إذ قال: “نسبة المهاجرين في فرنسا هي من بين النسب المتدنية في أوروبا. نحصي معدلا ب200 ألف مهاجر سنويا منذ 10 سنوات، ما يشكل 11 بالمائة من نسبة السكان”. كما دافع هولاند عن الإبقاء على اتفاقية شنغن المتعلقة بتنقل الأشخاص داخل الدول الأوروبية، في رد ضمني على خصمه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي يدعو لإلغائها. ويبدو الرئيس الفرنسي، من خلال هذه الهجمة المضادة، مدركا للتنامي الواسع لشعبية اليمين المتطرف بسبب مسألة الهجرة بالتحديد. وتضع مارين لوبان، رئيسة حزب الجبهة الوطنية في فرنسا، والمرشحة بقوة للدور الثاني في رئاسيات 2017، موضوع الهجرة ضمن أولويات برنامجها الانتخابي، منطلقة من فكرة أن المهاجرين هم سبب الأزمة الاقتصادية وأزمة الهوية التي تعيشها فرنسا. كما يلاقي في هذه الفترة كتاب “الانتحار الفرنسي” للصحفي الفرنسي، إريك زمور، الذي يرصد فيه أطروحات شديدة العداء لوجود المهاجرين، رواجا كبيرا بمبيعات فاقت 300 ألف نسخة في ظرف قياسي. وسجل آخر تقرير صادر عن المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، في فرنسا، تناقص عدد المهاجرين الجزائريين بمعدل 2?6 بالمائة سنويا منذ سنة 2009، عكس الارتفاع المسجل لدى باقي المهاجرين المغاربيين. لكن نسبة المهاجرين الجزائريين لا تزال تحتل المرتبة الثانية بنسبة 7 بالمائة من مجموع المهاجرين إلى فرنسا سنة 2012، متساوية مع المغرب، في حين يشكل المهاجرون البرتغاليون النسبة الأكبر ب8 بالمائة. بيد أن اليمين المتطرف يعتبر هذه النسب مغالطة ولا تعكس الواقع، لأن أغلب المهاجرين في اعتقادهم قد حصلوا على الجنسية الفرنسية، ولا يجري عدهم في هذه الإحصاءات. ويأتي تدشين متحف الهجرة بعد سنوات من إطلاق مشروعه في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، ما يؤكد حساسية السلطات الفرنسية لكل ما يمت بالهجرة. وقال بن جامين ستورا، الذي أوكلت له مهمة تسيير المتحف، إنه “دون المهاجرين لما كان لفرنسا الإشعاع التقني والثقافي الذي هي عليه اليوم”. وأضاف المختص في الثورة الجزائرية أنه “يأسف لأن في فرنسا القليل من الباحثين في مجال الهجرة بالمقارنة مع الباحثين في الديانات خاصة الإسلام”.