يتواصل الجدل والضجة التي رافقت إعلان المخرج الإيراني ”مجيد مجيدي”، عن تصويره فيلم ”محمد رسول الله”، في ثلاثة أجزاء منذ سنوات، إلى اليوم، بعد عرضه في قاعات السينما الإيرانية، ثم في مهرجان مونتريال للفيلم العربي بكندا، حيث واجه سابقا رفضا الأزهر الشريف من قبل، وبعض معارضي النظام الإيراني، وآخرها مفتي عام الديار السعودية الذي وصف الفيلم ”مجوسي وعمل عدو للإسلام”، ورابطة العالم الإسلامي التي أدانته. يتأرجح عرض الفيلم السينمائي الإيراني ”محمد رسول الله” الذي حقق إيرادات بقيمة 15 مليار ريال، ما يعادل نحو نصف مليون دولار، منذ عرضه لأول مرة في إيران الأسبوع الماضي، يتأرجح بين القبول والرفض وبين إعجاب البعض بالفكرة، والدفاع عن أهداف الفيلم، خاصة وأنه لا يكشف عن وجه من يمثل الرسول صلى وسلم. بينما يطرح كثير من المتتبعين التساؤلات حول حقيقة اهتمام إيران بعرض سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتجسيدها سينمائيا، وحقيقة رد فعل جهات عديدة، خاصة من قبل الجهات السنية والسعودية، وهل يندرج ضمن الصراع السني الشيعي، الذي يبدو، كما يرى بعض المتتبعين، انتقل من السياسة والنفط والسلاح، إلى السينما والفن. السعودية تحذّر وإيران تستقبله بحفاوة جاءت آخر الردود الرافضة قوية من مفتي عام المملكة العربية السعودية، الشيخ ”عبد العزيز آل الشيخ”، الذي صرح لمواقع خليجية بأن عرض إيران لفيلم عنوانه ”محمد رسول الله”، أمر ”لا يجوز شرعا”، ووصف ”آل الشيخ” الفيلم بأنه ”فيلم مجوسي وعمل عدو للإسلام”، محذرا من تداوله. وأوضح أن ”رسول الله صلى الله عليه وسلم” منزه عن ذلك، قائلا ”الرسول له صفاته المعيّنة وخلقية معروفة، وهؤلاء يصورون شيئا غير الواقع، فيه استهزاء بالرسول وحط من قدره، صلى الله عليه وسلم”، وأضاف ”هذا عمل فاجر، ولا دين له، وإنما تشويه للإسلام، وإظهار الإسلام بهذا السوء”. بالمقابل، دافعت إيران عن الفيلم واعتبرته إنجازا كبيرا بعد أن شهد عرضه إقبالا كبيرا، وقالت عبر وكالة أنبائها إن الفيلم حقق أكبر إيرادات وشوهد من طرف الآلاف، وقريبا سيعرض في العراق. كما علقت صحيفة ”كلارين” الإسبانية على الفيلم الإيراني ”محمد رسول الله”، قائلة إن الفيلم الإيراني عن محمد (صلى الله عليه وسلم) يسعى لتغيير ”صورة الإسلام العنيفة”، التي أصبحت تنتشر في العالم أجمع على أيدي التنظيمات الإرهابية. وأشارت الصحيفة إلى أنه في السنوات الأخيرة أصبح هناك مفهوم خاطئ للإسلام عند الغرب، وهذا الفيلم محاولة من إيران لتعديل هذا المفهوم الخاطئ وإظهار طفولة نبي الإسلام. رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة تدين الفيلم ببيان جاء الرفض كذلك نهائيا وواضحا من طرف رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، التي أدانت إصدار الفيلم الإيراني (محمد رسول الله) الذي عرض في مهرجان مونتريالبكندا، وأظهر لقطات من جسد النبي صلى الله عليه وسلم وهيئته. جاء ذلك في البيان الذي أصدره الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الأمين العام للرابطة وعضو هيئة كبار العلماء بالمملكة، حيث طالب فيه المسؤولين في إيران بإيقاف عرض هذا الفيلم ومنعه، لأنه ”انتهاك لما أوجبه الله علينا من التوقير لنبيه محمد صلّى الله عليه وسلم، والرجوع إلى الحق وإلى أقوال علماء المسلمين في هذا الشأن”. ودعا البيان الأمة الإسلامية جمعاء إلى الحذر من اقتراف مثل هذه الأعمال المحرمة، وبخاصة مؤسسات الإنتاج الإعلامي والقنوات الفضائية، وأن الواجب على المسلمين التواصي بمنع الفيلم المذكور ومقاطعته، ومقاطعة أي عمل ينطوي على هذه الإساءة لمقام النبوة .ومن بعض ما جاء في البيان ”إن رابطة العالم الإسلامي تؤكد على حرمة تجسيد النبي محمد صلّى الله عليه وسلم في الأعمال الفنية، تحت أي ذريعة كانت؛ لأن تجسيد الرسول صلّى الله عليه وسلم، وتمثيله في الأفلام والمسلسلات، يتعارض مع ما ينبغي من توقيره عليه الصلاة والسلام”. وأضاف البيان: ”ولا مبرر لمن يدعي أن في تلك المسلسلات التمثيلية والأفلام السينمائية فائدة في التعرف عليهم وعلى سيرتهم؛ لأن كتاب الله قد كفى وشفى في ذلك، وذكّر المجمع بقرار هيئة كبار العلماء، وفتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، وفتوى مجمع البحوث الإسلامية في القاهرة، وغيرها من الهيئات والمجامع الإسلامية في أقطار العالم، التي أجمعت على تحريم تمثيل أشخاص الأنبياء والرسل عليهم السلام مما لا يدع مجالا للاجتهادات الفردية” . كندا أول العارضين خارج إيران لم تمنع ردود الفعل الرافضة من كل المجمعات الإسلامية، مشاركة فيلم ”مُحمد رسول الله” (صلى الله عليه وآله وسلم) في مهرجان أفلام العالم في مدينة مونتريال الكندية، حيث شهد أول عرض خارج الأراضي الإيرانية، ليومين متتاليين، وذلك بعد أيام من طرحه في صالات العرض بطهران، وسط مطالبات إدارة سينما ”الحي اللاتيني” في المدينة بزيادة عدد البطاقات، وفتح صالة جديدة لعرض الفيلم. وأفاد موقع ”هافينغتون بوست”، إن الفيلم شهد إقبالا كبيرا، حيث تم حجز بطاقات الدخول قبل موعد العرض بعدة أيام، فيما اضطر البعض لشراء التذاكر من السوق السوداء. وكانت ردة فعل الحضور إيجابية، خاصة أن أغلبيتهم جاءوا من باب التعرف والاكتشاف والفضول، ورأى بعض الجمهور أنه ”من الصعب جدا تغيير صورة الإسلام من خلال عمل واحد”. بينما بدأت دور السينما في إيران عرض الفيلم منذ أسبوع، في نحو 140 دارا للعرض. وقالت مواقع إيرانية إنه الفيلم الأغلى كلفة في تاريخ السينما في بلادهم، إذ بلغت نفقاته 40 مليون دولار. وذكر مخرجه ”مجيد مجيدي” أن هدفه من الفيلم الذي تبلغ مدته 171 دقيقة، تعزيز الوحدة الإسلامية. وأفادت صحيفة ”صباح اليوم” العراقية، من جانبها، أن تجمع ”فنانو العراق” أعلن إن هناك مباحثات مع مخرج الفيلم بشأن عرض فيلمه ”محمد رسول الله” في بغداد، بعد أن عرض في الافتتاح الرسمي لمهرجان أفلام العالم في مونتريالبكندا. المخرج مصر على إتمام الجزء الثاني والثالث كشف موقع ”هوليوود ريبورتر”، نقلا عن مخرج فيلم ”محمد رسول الله” (ص)، مجيد مجيدي، أنه يستعد للبدء بتصوير الجزأين الثاني والثالث من الفيلم، يتناولان حياة الرسول حتى وفاته، وتأسيس الحياة الإسلامية في المدينةالمنورة. وقال المخرج الإيراني مجيد مجيدي للموقع ”إنه من المقرر تقديم جزأين جديدين من الفيلم، في مستقبل ليس ببعيد”، مضيفا ”إن الهدف من تقديمه هو تصحيح صورة الإسلام التي شوهها المتطرفون”، مضيفا ”فالتصرفات البربرية مثل قطع الرؤوس وذبح الأبرياء وتدمير الكنوز التراثية، التي قامت بها التنظيمات المتطرفة لداعش في العراق وسوريا، لا تمت للإسلام بصلة، وشوهت صورة المسلمين في العالم ووصمتهم بالإرهاب”، وأضاف مجيدي: الإسلام دين سلام وصداقة وحب، وهو ما حاولت تقديمه وتناوله في الفيلم، وتقديمه للعالم، خاصة أنه منذ فيلم ”الرسالة” لمصطفى العقاد، لم يقدم أي عمل عن الإسلام. وأشار مجيدي إلى عدم ظهور الرسول بوجهه خلال أحداث الفيلم، وقال إنه سبق أن أعلن ذلك مرارا، ومنذ الإعلان عن بدء تصويره. ودعا مجيدي شيوخ الأزهر إلى مشاهدة الفيلم والتحاور بشأن تحفظاتهم ومخاوفهم من مسألة تجسيد شخصيات الأنبياء. وأشار إلى أن الفيلم يتناول مرحلة من حياة النبي لا خلاف بين المذاهب الإسلامية حولها، وأن ”الفيلم ليس له أهداف سياسية كما أشيع، بل تقديم شخصية الرسول والتعريف بها، التي لا تقدر بثمن”.