تشهد العلاقات السياسية، الدبلوماسية والاقتصادية بين الجزائروفرنسا، خلال الأشهر القليلة الماضية، منحى تصاعديا، عكسته كثافة الزيارات المتبادلة التي لا تكاد تتوقف بين مسؤولي البلدين، والتي تغذيها إسقاطات أزمة اقتصادية واجتماعية لن تستثني تداعياتها بلدا دون الآخر، معالمها تراجع أسعار البترول وركود الاقتصاد العالمي وكذا أزمة المهاجرين في دول الاتحاد الأوروبي المهددين بالطرد، ما يفرض على مسؤولي الإليزيه وقصر المرادية على السواء الجلوس إلى طاولة واحدة وتجاوز “عقبة” التاريخ. بالموازاة مع الأزمة الاقتصادية التي تهدد ضفتي المتوسط بما في ذلك الجزائروفرنسا، فإن البلدين تجمعهما قضية واحدة أيضا، تتعلق بالمهاجرين الذين تشكل الجالية الجزائرية أكبر نسبة منهم، في ظل الأصداء التي تتجه نحو سعي دول الاتحاد الأوروبي إلى ترحيلهم، وهو ما يهدد آلاف الجزائريين بالطرد تجسيدا لنظام جديد دعت إليه إيطالياوفرنسا وألمانيا، وهو ما يفرض على فرنساوالجزائر التعاون لإيجاد الحلول المناسبة. في هذا الشأن، يحل اليوم في الجزائر رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرار لارشي، وهي الزيارة الأولى بعد حوالي 16 سنة، بدعوة من رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، وسيكون لارشي في زيارة العمل التي تدوم إلى غاية 11 سبتمبر الجاري مرفوقا بجون بيار شوفانمان، الوزير السابق ورئيس جمعية فرنساالجزائر، الذي سيمنح الزيارة الطابع الاقتصادي، إلى جانب مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ، على غرار جاك ميزار، جون بيار فيار وليلى عايشي. وسيستقبل لارشي خلال الزيارة من قبل العديد من المسؤولين الجزائريين، كما ستتضمن الزيارة وضع باقة من الزهور على مستوى المقبرة المسيحية ببولوغين، بالإضافة إلى تنظيم لقاءات مع الجالية والمؤسسات الفرنسية، كما سيقوم المسؤول البرلماني الفرنسي أيضا بزيارة الثانوية الدولية ألكسندر دوما ببن عكنون. وتندرج هذه الزيارة، حسب بيان سفارة فرنسا في الجزائر، في إطار تقوية العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف الأصعدة، وتأتي استكمالا وتجسيدا لزيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى الجزائر شهر جوان الماضي، التي تلتها العديد من اللقاءات الوزارية المشتركة بين البلدين في الجزائر وفي فرنسا كذلك، وبينما ستتوج هذه الزيارة بالتوقيع على اتفاق تعاون برلماني بين البلدين، فإن الطرفين سيتفقان على وضع لقاءات دورية في إطار منتدى عالي المستوى. وبالنظر إلى برنامج عمل رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي بالجزائر فإن الزيارة لن تقتصر على التعاون في المجال البرلماني أو السياسي فقط، وإنما سيكون للقطاع الاقتصادي نصيب وافر، إذ سيتم بالمناسبة إطلاق مؤسسة جديدة في ولاية بومرداس بالشراكة جزائرية فرنسية في مجال الصناعة الغذائية، وستنطلق هذه الزيارة بينما تتواصل زيارة وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة بباريس مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس. وفي نفس هذا السياق، أكد رمطان لعمامرة من باريس، حيث يتواجد هناك منذ ثلاثة أيام، على أنه سيتم عقد اجتماع اللجنة المختلطة الاقتصادية الجزائرية الفرنسية، أكتوبر المقبل بباريس، وأوضح أنه سيتم تركيز الطرفين على الاستحقاقات في مجال التعاون الجزائري الفرنسي من خلال الاتفاق على عقد الاجتماع القادم للجنة الوزارية للتعاون الاقتصادي والمالي نهاية شهر أكتوبر المقبل، وبالإضافة إلى ذلك شكلت الأزمات الإقليمية والدولية والوضع السائد في إفريقيا والشرق الأوسط محور تبادل وجهات النظر، على غرار الاهتمام المشترك بين البلدين والأوضاع في منطقة الساحل، خاصة الوضع في ليبيا وسوريا وكذا سبل مكافحة الإرهاب.