تفتتح، اليوم، الدورة الأربعون من مهرجان ”تورنتو السينمائي الدولي” بفيلم المخرج الكندي الفرنسي جان-مارك فالي «هدم»، الذي يدور حول عامل بنك (جيك جيلينهول) يقع في أزمة نفسية صعبة بعد فقدان زوجته ويجد الخلاص عندما يقابل وكيلة خدمات (ناوومي ووتس) في شركة آلات بيع. يعتبر مهرجان تورنتو، الذي كان ”مهرجان مهرجانات” منذ تأسيسه عام 1975، أهم وأكبر مهرجان سينمائي في شمال أمريكا، فضلا عن كونه مؤشرا موثوقا به لجوائز الأوسكار، تشترك فيه مئات الأفلام ويؤمه مئات الآلاف من رواد السينما وأكبر عدد من نجوم السينما وصناعها من أنحاء العالم. الإرهاب والثورات والديكتاتورية.. المغرب العربي يستعرض أزماته تسجل السينما العربية في دورة 2015 حضورا قويا ب9 أفلام خلافا لمهرجانات هذا العام السابقة، من بينها فيلم المخرج الجزائري سالم براهيمي ”والآن بإمكانهم أن يأتوا”، الذي يعود من خلاله ”إلى فترة أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات، ليسبر تحوّل الحركات الإسلامية في الجزائر إلى قوى جهادية تخوض حربا دموية ضد الجيش، من خلال قصة شاب يحاول حماية عائلته من الإرهاب الذي كان لا يميز بين جندي ومدني. يغوص المخرج المغربي هشام لاسري في السياق نفسه، في ماضي المغرب المظلم من خلال فيلمه ”جوّع الكلاب” وقصة صحافية تحقق لقاء تلفزيونيا حصريا مع مسؤول مخابرات متقاعد كان مسؤولا عن قمع الحريات وتعذيب وسجن كل من ينادي بها. يطرح المهرجان أيضا فيلم المخرجة التونسية ليلى بوزيد ”على حلّة عيني” الذي عُرض مؤخرا في ”مهرجان فينسيا العالمي” وهو يتمحور حول شابة تغني في فرقة روك مع مجموعة شباب، وتواجه تحديات بيئتها، وسلطة أهلها عشية اندلاع ثورة الياسمين. يعرض المهرجان أفلام أخرى شاركت في مهرجان كان، وهي فيلم المخرج المغربي نبيل عيوش ”الزين إلي فيك” الذي أثار ضجة ومنع من العرض في المغرب ويتناول ظاهرة الدعارة. فلسطين تحتفي بمحمد عساف ولبنان يبحث عن الحرية ويتصدر الأفلام العربية فيلم المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد ”يا طير الطاير”، الذي يشهد عرضه الأول في تظاهرة ”تقديم خاص”، إلى جانب أفلام من دول أخرى، كتب روايته المخرج الفلسطيني سامح زعبي، مستلهم من سيرة المغني الفلسطيني محمد عساف، الفائز بلقب برنامج المسابقات الغنائي ”عرب أيدول” في دورة عام 2013، ويعود إلى ماضيه ليسبر ارتباطه بالموسيقى ويرسم معالم بيئته خلال نشأته في غزة. بينما تقدم المخرجة مي المصري فيلم،3000 ليلة، العمل الفلسطيني الثاني المشارك والذي يعالج الوضع الفلسطيني، من خلال حكاية مدّرسة تعتقلها السلطات الإسرائيلية، وتنجب طفلة في السجن، حيث تواجه ورفيقاتها المعتقلات أنواعا مختلفة من القمع والإذلال والعنف، فيقررن الانتفاض على إدارة السجن. يقدم المهرجان أيضا الفيلم الفلسطيني الذي سبق وأن عرض لأول مرة في ”مهرجان كان” للمخرجين الفلسطينيين التوأم طرزان وعرب تحت عنوان ”ديغراديه”، الذي يحكي قصة مجموعة نساء تنحصر في محل تصفيف شعر في غزة، عندما تشتعل اشتباكات نارية بين قوات أمن حماس وعصابة حرمية. يقترح المهرجان أيضا فيلمين لبنانيين الأول يروي قصة فتاة لبنانية تغادر بيروت لدراسة جامعية في باريس، تسردها المخرجة اللبنانية ”دانيال عربيد” في فيلمها الروائي الطويل الأول ”باريسية”، الذي تعبّر فيه عن الحرية التي تنعم تجدها في الغربة، بينما كانت محرومة منها في بلدها، والفيلم الثاني بعنوان ”كبير كتير” من إخراج ”مير جان بو شعيا”، ويحكي قصة اخوين يُجبران على القيام بصفقة أخيرة، بعد أن قررا التقاعد من تجارة المخدرات. السياسة والسينما وعودة ”مايكل مور” ب”من سنجتاح المرة المقبلة” ما يلفت الانتباه هذا العام هو حضور قوي لأفلام تعالج قضايا سياسية، منها المعاصرة ومنها التاريخية، حيث يرجع المخرج ”جي روش” في فيلم ”ترومبو” إلى الستينات، ليدرس شخصية كاتب السيناريوهات ”دالتون ترامبو” (بريان كرانستون)، الذي رغم أنه تصدر لائحة هوليوود السوداء، التي حرمته من ممارسة عمله في عهد المكارثية، إلا أنه نجح في كتابة أهم سيناريوهات ذاك الزمن مثل ”عطلة رومانية” و”سبارتوكاس”. ويقدم المخرج ”جيمس فاندربيلت” قصة حقيقية أخرى من هذا العصر، في فيلم ”حقيقة”، الذي يسبر خدمة ”جورج بوش الإبن” العسكرية، من خلال تحقيق قام به مقدم الإذاعة ”دان راذر” (روبرت ريدفورد) ومنتجة الأخبار ”ماري مابيز” (كيت بلانشيت). يعالج ”جوناز كوران” من جهته، قضية الهجرة المثيرة للجدل في أمريكا وأوروبا في فيلمه ”ديزييرو”. وفيلم آخر من إنتاج ”جورج كلوني” وهو ”أوار براند إز كرايزيز” تؤدي فيه ”ساندرا بولاك” دور مستشار سياسي أمريكي يتنافس في الانتخابات الرئاسية في بوليفيا. يعرج مهرجان ”تورنتو” بعد أزمات أمريكا اللاتينية على مصائب الشرق الأوسط، في عدد من الافلام منها فيلم ”عين في السماء” من بطولة ”هيلين ميرون” الذي يتناول الثمن الإنساني لضربات طائرات بلا طيار، التي باتت السلاح المفضل للولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب. وفيلم ”سبتمبرات الشيراز” من بطولة ”سلمى حايك”، ويحكي قصة عائلة يهودية إيرانية، تحاول الهرب من إيران عقب أحداث الثورة الإسلامية عام 1979. كما يعود المخرج المثير للجدل ”مايكل مور” بفيلم جديد، وهو ”من سنجتاح المرة المقبلة”، يسخر فيه من سياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط. ويختتم مهرجان تورنتو فعالياته في 20 من الشهر الجاري، بكوميديا رومانسية ”مستر رايت” من بطولة سام روكويل وآنا كيندريك.