لا يختلف اثنان أن فريق مولودية الجزائر يمثل جزءا من الذاكرة الجزائرية، نظرا للدور الذي لعبه إبان الثورة التحريرية وعملية التعبئة التي قام بها بطلب من جبهة التحرير الوطني. وبعد الاستقلال، حافظ عميد الأندية الجزائرية على بريقه وكان أول ناد جزائري يهدي الكأس القارية للجزائر سنة 76، لكن هذا الفريق بدأ يفقد بريقه بل وتسببت بعض الأطراف في تدنيس تاريخه، إلى درجة أن اسم مولودية الجزائر صار يقترن بالمهازل والفضائح الرياضية، بعدما كان رمزا للتتويجات والألقاب. ومثلما سجل التاريخ أبرز الشخصيات التي كان لها الفضل في تسيد العميد القارة السمراء، سيسجل أيضا في قائمة “سوداء” اسم كل من تسبب في قذف النادي إلى الحضيض وعبث بتراثه وتاريخه. ومما لا شك فيه، أن “القائمة السوداء” هذه طويلة ولا تكاد تحصى. “قنبلة” مقاطعة حفل استلام الميداليات.. حادثة مقاطعة الفريق حفل استلام ميداليات نهائي كأس الجمهورية لموسم 2012/2013 لا تزال راسخة في ذاكرة محبي هذا النادي، وما انجر عنها من تداعيات وعقوبات على المسير عمر غريب والمدرب جمال مناد وكذا الحارس فوزي شاوشي، تمثل جزءا صغيرا من المهازل والفضائح التي عاشها العميد. ويجمع أغلبية محبي مولودية الجزائر على أن الفريق غرق في بركة المشاكل بعدما رحل عنه المسيرون الأكفاء. ولم يغفر أنصار العميد للرئيس الأسبق الدكتور مسعودي، الذي تسبب في سقوط الفريق إلى الدرجة الثانية، عندما طلب من اللاعبين مغادرة أرضية الميدان في ملعب سفوحي أمام شباب باتنة (موسم 2001/2002). ولن ينسى أنصار العميد أيضا احتفالهم الخاص بسنة كاملة دون انتصار في البطولة ولم يطرد النحس سوى مع المدرب عبد الحق بن شيخة الذي تغلب آنذاك على اتحاد البليدة (2/1). وتواصل مسلسل الفضائح مع المسيرين حيث لم ينه أنصار العميد احتفالاتهم بكأس الجمهورية التي توج بها أمام شبيبة القبائل (2013/2014) حتى فجر الرئيس الأسبق، بوجمعة بوملة، فضيحة مدوية بدخوله في شجار مع مناجير النادي، كمال قاسي سعيد، ما تسبب في تحطيم مجسم الكأس، قبل دخول الرجلين في صراع قضائي. وما يعاب على مسيري مولودية الجزائر أن “الكاريزمة” والحنكة كانت شبه غائبة، بدليل عدم قدرتهم على التحكم في اللاعبين أو فرض الصرامة والنظام مع المدربين. فالمدرب الفرنسي روبير نوزاري نشر غسيل الفريق على أمواج الإذاعة وانتقد سياسة المسيرين وجر الرئيس الأسبق، مسعودي، إلى أروقة “الفيفا” من أجل الحصول على تعويضات.. وحتى مواطنه فرانسوا براتشي دخل في خلاف حاد مع المسيرين، وبرروا توقيفه بأنه أشرف على حصة تدريبية وهو مخمور.
والتاريخ يبقى شاهدا أيضا على الصراعات الداخلية بين المسيرين والتي أدخلت الفريق في دوامة في عدة مناسبات. والأمثلة عديدة في هذا الشأن. فبعيدا عن شركة العميد ذات أسهم التي صارت بين يدي الشركة النفطية “سوناطراك”، لا يزال النادي الهاوي لمولودية الجزائر يتخبط في صراعات بلغت المحاكم، ويجهل أنصار مولودية الجزائر من هو الرئيس الشرعي للفريق. النادي الهاوي برئيسين في ظاهرة فريدة من نوعها، صار النادي الهاوي لمولودية الجزائر ممثلا برئيسين، قطب يمثله الرئيس السابق عما براهمية والثاني برئاسة عبد الغني مبارك. ورغم تخلص جماعة مبارك وكسبهم المعركة أمام براهمية، إلا أن الصراع تجدد بين أعضاء المكتب التنفيذي، حيث رفض الأمين العام، كمال قصباجي، والعضوان بلخيري وناصر بويش، أن يواصل مبارك مهامه، بحجة أنه قدم استقالته شهر سبتمبر الماضي. فراحت جماعة قصباجي تحضر لعقد جمعية عامة طارئة موازية، قبل أن تتدخل مديرية الشباب والرياضة لإيقاف المهزلة. ولجأ الطرفان، أي جماعة قصباجي ومبارك، إلى العدالة بعدما ادعى كل منهما الشرعية. أفارقة سود دون وثائق يحرسون تراث مولودية الجزائر وحسب تصريح كمال قصباجي، أمين عام النادي الهاوي لمولودية الجزائر، ل”الخبر”، فإن “جماعة عبد الغني مبارك استنجدت بأفارقة سود من أجل حراسة مقر النادي “الفيلا” الكائن بالشراڤة، والذي يضم التراث المادي ووثائق وكل ممتلكات الفريق. وهؤلاء الأفارقة لا يملكون وثائق، استنجدوا بهم بعدما رفضوا تسوية مستحقات أعوان الأمن وعمال الفيلا، ولقد رفعت شكوى وحضرت الشرطة لتسجيل تلك المخالفة”، يقول قصباجي. صفقات فاشلة بالملايير ولم تنته المهازل والفضائح عند هذا الحد، فضعف وحنكة المسيرين وغياب سياسة رشيدة في تسيير النادي، جعلت الأخطاء تتكرر كل موسم في استقدامات اللاعبين. وإن كانت القائمة طويلة، فإن بعض الصفقات “الفاشلة” بقيت راسخة في أذهان محبي هذا الفريق، على غرار صفقة حاج عيسى الذي استفاد من أموال المولودية ولم يشارك، شأنه شأن البرازيلي روبيرسون المتواجد في الفريق منذ الموسم الماضي، دون نسيان الكامروني نغولا والإثيوبي صلاح الدين سعيد وآخرين.
والحديث عن صفقات اللاعبين الفاشلة يجرنا إلى الحديث أيضا عن المدربين الذين تعاقبوا على الفريق، دون أن يعمروا موسما واحدا. وإن كانت بعض الأسماء ثقيلة ولديها صيت عالمي، إلا أنها فشلت مع مولودية الجزائر، على غرار البلجيكيين رونكان وجون تيسان والفرنسيين نوزاري وألان ميشال. وفي الوقت الذي كان العميد يحاول تضميد جراحاته السابقة، استفاق على فضيحة جديدة هذا الموسم، والمتعلقة بوقوع المهاجم وهداف الفريق، خير الدين مرزوقي في فخ المنشطات. ولم تنته الحادثة بعقوبة اللاعب أربع سنوات فحسب، بل راح مرزوقي رفقة بعض زملائه اللاعبين يحملون كامل المسؤولية لطبيب النادي. فصارت “الفضيحة” على ألسنة العام والخاص.