كتب وروي الكثير عن فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم، الذي أسسته قيادة الثورة الجزائرية في 1958 للدفاع والترويج لحرب التحرير. ولكن ثلاثة مؤلفين فرنسيين اختاروا العودة لهذا الفصل المميز في تاريخ العلاقات الشائكة بين الجزائروفرنسا والذي يجمع بين ذاكرة البلدين، من خلال كتاب قصص مصورة يحمل عنوان "قميص للجزائر". وقال كريس، أحد المؤلفين وهو اختصاصي في مجال القصص المصورة التاريخية، إن هذا الكتاب الذي يمزج بين الحقيقة والخيال إطلالة على قصة مميزة في تاريخ كرة القدم العالمية كما في تاريخ العلاقات الجزائرية - الفرنسية، مضيفا أنه كان يرغب في تأليفه منذ أن اكتشف ملحمة "فريق رائع كان أبطاله رجالا تركوا وراءهم الشهرة والمال لأجل الإسهام في استقلال بلادهم".
ورأى زميله برتران غاليك، وهو مختص في التاريخ وكاتب سيناريوهات، أن "الكتاب مغامرة ثقافية جميلة لأنها تتناول ولأول مرة في شكل قصص مصورة حقبة تاريخية مهمة"، معبرا عن أمله بأن يقرأه الكبار والصغار في كلا البلدين بعيدا عن كل أشكال التعصب.
وأجمع الثنائي كريس وغاليك، على أن الفضل الكبير في صياغة الرواية يعود لأحد أعضاء فريق جبهة التحرير، رشيد مخلوفي، صاحب شهادات كثيرة ودقيقة عن هذه الملحمة الرياضية والسياسية.
"قميص للجزائر"، الصادر عن دار النشر "إير ليبر" (الهواء الطلق)، يفتتح على أحداث 8 ماي 1945، بخروج الحشود في باريس احتفالا بنهاية الحرب العالمية الثانية. لكن خروج "الجزائريين" في شوارع سطيف مطالبين بحريتهم ردت عليه السلطات الاستعمارية بالقمع لتنتهي المظاهرات باستشهاد الآلاف.
ثم يعرج الكتاب بقصص مصورة جميلة على الحياة في الجزائر، بينهم من سيصنعون لاحقا أمجاد فريق جبهة التحرير أمثال مخلوفي وعبد الحميد كرمالي ومختار عريبي، كلهم من أبناء مدينة سطيف.
وفي 13 و14 أبريل 1958، بدأت أسطورة الفريق مع فرار لاعبين بارزين ينشطون في الأندية الفرنسية إلى تونس حيث مقر الحكومة الجزائرية المؤقتة، لينضموا إلى زملائهم ويخوضون أول مباراة دولية في تاريخ كرة القدم الجزائرية كانت يومها في 9 ماي أمام الجارة الشقيقة المغرب (2-1).
وأوقع فرار اللاعبين الجزائريين من أنديتهم صدمة رياضية في فرنسا وسياسية لسلطات الاحتلال. وكان بين هؤلاء اللاعبين مصطفى زيتوني وعبد العزيز بن تيفور (نادي موناكو) ورشيد مخلوفي (سان إتيان) وعبد الحميد كرمالي (ليون) وعمار رواي (أنجي).
وتزمر المسؤولين الرياضيين الفرنسيين بلغ ذروته عندما تحققوا أن مخلوفي وزيتوني كانا ضمن الفارين، والسبب أن هذين اللاعبين كانا من أبرز عناصر المنتخب الفرنسي الذي كان يستعد لخوض منافسات كأس العالم 1958 بالسويد. وانتهت مغامرة فرنسا في البطولة بخسارة قاسية 2-5 أمام البرازيل في نصف النهائي.
وخاض فريق جبهة التحرير الوطني نحو 80 مباراة، أبرزها في بلدان شرق أوروبا والبلدان العربية. وكان سفيرا بارزا لحرب التحرير الوطني. إلا أن الكتاب ينتهي بعودة رشيد مخلوفي إلى سان إتيان بعد الاستقلال حيث قاد الفريق للتتويج بالدوري الفرنسي والكأس في 1968، وهي إشارة من المؤلفين إلى أن الصداقة والرياضة لا تعترفان بأي جدار ولا تمييز، وأن التصالح بين الشعبين الجزائري والفرنسي أقوى من الخلافات السياسية والدبلوماسية بين قيادات الدولتين.