يسلب الموت حياة الأطفال الجزائريين في عمر الزهور، بسبب نقص فضاءات اللعب في الكثير من الأحياء السكنية. فرغم تغني المسؤولين في كل مرة بإنشاء مساحات للعب الأطفال، إلا أن الأمر لا يزال مجرد حبر على ورق، ليتخذ الأطفال من الحبال المثبتة في الأشجار وعلى شرفات النوافذ، أرجوحات غالبا ما تلتف حول أعناقهم ولا تتركهم إلا جثثا هامدة. عاشت عائلة معيزي القاطنة بحي 8 ماي 45 بوسط بلدية بني سليمان، شرقي ولاية المدية، أول أمس، حادثا مأساويا فقدت خلاله ابنها أكرم صاحب 11 سنة بعد أن لقي مصرعه وهو يلهو بأرجوحة مثبتة بنافذة إحدى غرف المسكن، فقد التف حبل الأرجوحة حول عنقه، ولم يتم اكتشاف جثه الطفل من طرف والديه إلا لدى عودتهما مساء. وخلّف الحادث أجواء حزينة وسط أفراد العائلة وجيرانه الذين شيّعوا جنازته بمقبرة سيدي وارد بفرقة أولاد علال، مسقط رأس والده. وتضاف روح البريء أكرم إلى أرواح المئات من الأطفال الذين غادروا ذويهم مختنقين بحبال الأرجوحات. ففي ولاية سطيف، انكسر هدوء قرية “مغراوة” ببلدية بني وسين، شهر مارس الماضي، على وقع حادثة وفاة طفل إثر التفاف حبل أرجوحة حول رقبته حينما كان يلعب. وحسب المعلومات التي بحوزتنا، فإن أهل الضحية لم يتفطنوا للأمر إلا بعد فوات الأوان، فقد عثر عليه جثة معلقة بحبل، وفور ذلك تم نقله إلى المستشفى الجامعي سعادة عبد النور، وفتحت مصالح الدرك الوطني تحقيقا في هذا الحادث المأساوي الذي خلّف جوا مشحونا بالحزن والأسى وسط أهل الضحية وسكان القرية المعروفة بهدوئها. واكتوى سكان سيدي صالح المترامية الأطراف على سفوح جبل “البيك” بأعالي بلدية مناصر، جنوبي ولاية تيبازة، ذات أربعاء من آخر أسبوع لشهر جويلية 2013، بحرقة الوفاة التراجيدية التي راح ضحيتها البريء “فاروق”، ذلك الطفل الذي انطفأت شمعة حياته وهو على أعتاب الربيع التاسع من العمر، فلا تزال ذاكرة القرويين هناك تأبى نسيان مشاهد تلك الجثة وهي ممدودة على حبال أرجوحة صنعها أبناء القرية بحبال بالية مثبتة بين أغصان أشجار التين التي تبقى شاهدة على الحادث. ويتذكر أهالي سيدي صالح والقرى المحيطة بها، في حديثهم مع “الخبر”، مأساة الطفل “فاروق” الذي تعوّد بصحبة رفاقه الولوج إلى غابة جبل “البيك”، قاصدا فضاء اللعب الوحيد بالقرية والمصمم محليا على شكل حبال موصولة بين أغصان الأشجار وجذوعها، بما يشبه أرجوحة يلتف حولها أبناء القرية بفئاتهم العمرية المختلفة، ظهيرة كل يوم، كونها المتنفس الوحيد لأولئك الصغار، اتخذوها مفرا اضطراريا من لفحات الشمس وجحيم البيوت الهشة المنتشرة هناك.