سجّل سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة “الأورو”، ارتفاعا ليقترب من مستواه القياسي السابق في فترة اقتراب موسم الاصطياف ومواسم الحج، حيث بلغ سعر الأورو 182 دينار بيعا و181 دينار شراء، كما عرف الدولار الأمريكي نفس المنحى التصاعدي ب 160 دينار بيعا و159 دينار شراء، يأتي ذلك في وقت تتكرس فيه سياسة تخفيض قيمة الدينار في التعاملات الرسمية، إذ يقترب الدولار من عتبة 110 دولار، فيما يقترب الأورو من 125 دينار. انزلاق الدينار في التعاملات الرسمية، يكشف عن توجّه رسمي لتخفيضه تدريجيا، حيث اعتمدت الحكومة في قانون المالية 2016 على سعر صرف معدل يقدّر ب98 دينارا لدولار واحد، بعد أن كان سعر الصرف في 2012 يقدّر ب77.55 دينارا لكل دولار. ويتضح أن الحكومة تلجأ إلى تخفيض سعر صرف الدينار أمام زيادة العجز في الميزانية وميزان المدفوعات المرتقب تجاوزه لسقف 55 مليار دولار، فضلا عن محاولة ضبط الواردات، حيث فقد الدينار حوالي 30% من قيمته أمام الورقة الخضراء منذ بداية السنة. وتبيّن الإحصائيات المعتمدة في عرض قانون مالية 2016، أن مراجعة صرف الدينار الجزائري مقابل الدولار كان معتبرا خلال الفترة الممتدة بين 2012 و2015، وتعدى توقّعات قوانين المالية التي اعتمدت على معدل سعر صرف يقدّر بحوالي 79 دينارا لكل دولار في قانون مالية 2015. واستنادا إلى الأرقام المقدمة من قبل حكومة سلال، فإن معدل سعر صرف الدينار عام 2012 بلغ 77.55 دينار، بينما بلغ المتوسط عام 2013 حوالي 79.38 دينار، ليرتفع الصرف إلى 80.56 دينارا للدولار الواحد عام 2014، ويتضح أن تقلبات صرف الدولار أمام الأورو انعكست على الدينار الجزائري الذي يعتمد على سلة من العملات لتقدير سعر صرفه، ومع ذلك، فإنه عرف أكبر فارق مع الدولار، ولكن انزلاق الدينار ينم أيضا عن توجّه حكومي في محاولة لتقليص حجم وقيمة العجز المتنامي ولو حسابيا. أما حاليا، فإن سعر الصرف الرسمي للفترة الممتدة ما بين 12 و16 ماي، قدّر بالنسبة لدولار واحد ب 109.35 دينار وبالنسبة للأورو ب 124.80 دينار، وهو ما يؤكد مستوى الانزلاق الذي يعرفه الدينار الجزائري والذي يرتقب أن يصل قبل نهاية السنة إلى مستوى 113 دينار للدولار و128 دينار بالنسبة للأورو. تطور سوق العملة ينبئ بتقلبات عديدة، في وقت تحاول فيه السلطات العمومية الحد من تآكل الإيرادات المرتبطة أساسا بصادرات المحروقات، فضلا عن المساهمة على أساس “حسابي وإحصائي” في إبراز تقلص القيمة الفعلية لعجز الميزانية والخزينة وعجز الميزان التجاري والمدفوعات، رغم أن تخفيض قيمة صرف العملة يساهم أيضا في تآكل القدرة الشرائية للمواطن وذوي الدخل الضعيف وحتى المتوسط. ويتضح أن الحكومة تسعى إلى استقطاب جزء من الرساميل التي تظل خارج الدائرة المصرفية الرسمية والتي عجزت في اعتماد بدائل عملية بخصوص سوق العملة، وستواصل في سياسات التعويم للدينار في غياب حلول على المدى القصير لبنية اقتصاد مختلة.