ما إن يسدل الليل ستاره، وتنطلق السهرة الرمضانية، حتى تندفع الدراجات النارية للسير في كل الاتجاهات، يقودها شباب متهورون غالبا ما يدفعون ثمن طيشهم غاليا، فإما أن يلقوا حتفهم، أو تبتر سيقانهم، أو يتسببون في قتل وإعاقة أشخاص آخرين. وخلال الأسبوع الأول من رمضان، لقي 3 أشخاص حتفهم، فيما بلغ عدد الحوادث المتعلقة بالدراجات النارية خلال الثلاثي الأول للسنة الجارية، 1396 حادث. تعتبر ساحة أول ماي في العاصمة مقصدا للشباب المراهقين الذين ربطوا هوايتهم بالسهرة الرمضانية، ويجتهدون في تكريسها كتقليد يتكرر كل سنة بحلول الشهر الفضيل. فالزائر للساحة يقف أمام فوضى تخلّفها محركات الدراجات النارية من مختلف الألوان والأشكال، بعضها ملك لأصحابها، والبعض الآخر “تستأجر بأسعار تتراوح بين الألف و350 ألف دينار جزائري، حسب المدة الزمنية وطراز الدراجة”، حسب ما أدلى به الشاب عبد الرحمن ل “الخبر”، الذي التقينا به بشارع حسيبة بن بولعيد. 216 ضحية استعراضات خطيرة وإفراط في السرعة، غالبا ما تنتهي بحوادث مميتة يدفع أصحابها الثمن غاليا، سواء بانقلاب الدراجة، أو اصطدام بمركبة، أو دهس أحد المارة. وقد بلغ عدد الراجلين وسائقي السيارات الذين لقوا حتفهم خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، 216 ضحية، حسب ما كشف عنه المكلف بالإعلام لدى المديرية العامة للحماية المدنية الملازم أول، نسيم برناوي. أما عدد الحوادث التي تسببت فيها الدراجات النارية خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، فقد بلغ 1396 حادث، ومن المتوقع أن يرتفع العدد خلال الثلاثي الثاني، حسب المتحدث نفسه، الذي أرجع الأسباب الرئيسية إلى طيش الشباب المراهقين الذين لا يرتدون الخوذات ولا يحوزون على رخصات سياقة. وكشف المتحدث نفسه بأن مصالحه سجلت، خلال الأسبوع الجاري، 3 حوادث مميتة، الأول توفي فيه شخصان، وأصيب 3 آخرون، يوم 11 جوان في بلدية عين جاسر بولاية باتنة، جراء اصطدام دراجة نارية بسيارة. وفي اليوم نفسه، وعلى الساعة السادسة صباحا، لقي شاب آخر حتفه بعد أن انقلبت دراجته النارية على مستوى الطريق رقم 8 بسور الغزلان. والحادث الأخير جرت وقائعه، خلال سهرة الاثنين الماضي، بولاية الوادي، إثر اصطدام سائق دراجة بسيارة سياحية على طريق البلدي، وتوفي السائق في الحين وأصيب اثنان آخران. وجع الرأس تعد سيدي بلعباس من بين المدن المعروفة وطنيا بأرضياتها المسطحة، وهو ما جعل من الدرجات النارية، وحتى الهوائية، بمنزلة وسيلة نقل أساسية وسط النسيج العمراني للمدينة. وتعد دراجة “بيجو 103” من بين أهم الدراجات استعمالا بمدينة سيدي بلعباس لاعتبارات عدة، وهو ما جعل صيتها يذاع وسط أهالي المنطقة، ما انعكس حتى على دواعي استعمالها وأهميتها لدى عامة الناس، وحتى المسبوقين قضائيا، بغض النظر عن سعرها الذي تضاعف بعشرات المرات خلال السنوات الأخيرة. وتحوّلت الدراجة النارية مع مر السنين إلى مصدر خطر حقيقي وإزعاج كبير لمصالح الأمن والمواطنين، على حد سواء، خاصة بعد أن أضحت بعض العصابات الإجرامية تعتمد عليها في بعض الحالات بشكل كلي لتنفيذ مخططات السرقة، باستعمال أساليب النشل والخطف قياسا بسرعتها وتغلغلها وسط النسيج العمراني، وحتى وسط الأزقة الضيقة. وتبقى “بيجو 103” من بين الدراجات النارية المهيأة لإدخال جملة من التعديلات التقنية والميكانيكية عليها، ومن الفئة القابلة لاحتضان حتى مكبس خاص ببعض السيارات، وهو ما ساهم في مضاعفة سرعتها، إلى درجة يلجأ فيها بعض رواد هذا النوع من الدراجات إلى “تحدي” المركبات عبر الطرقات، من دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر الكبيرة المحدقة بهم. الدراجات النارية لترويج المخدرات والسرقات تعيش مختلف أحياء وشوارع مدينة سطيف حركية كبيرة خلال ليالي رمضان، حيث تحصي المئات من الدراجات النارية التي تجوب الأزقة، تاركة موجة من الغضب في صفوف السكان. بمجرد أن يرفع الأذان صوته للإفطار بمدينة سطيف وما جاورها، تنطلق أبواق الدراجات، خاصة بالأحياء الجديدة مثل الهضاب والحشامة وحي 500 مسكن، حيث يتجول سائقوها ويقومون بحركات بهلوانية خطيرة، كثيرا ما تؤدي إلى حوادث مرور خطيرة. فيما يقوم البعض برحلات نحو شواطئ بجاية وجيجل ليلا قبل أن يعودوا في الصباح الباكر، فيما تشن مصالح الأمن حملات واسعة لمراقبة الدراجات النارية. وخلال الأيام الأولى من الشهر الكريم، تم حجز أكثر من 20 دراجة، زيادة على تسجيل العديد من الحوادث المميتة، فقد تعرض شخصان كانا على متن دراجة نارية إلى حادث مرور خطير أودى بحياة السائق ودخول مرافقه غرفة الإنعاش، بعد أن اصطدما بسيارة سياحية بالطريق الوطني رقم 9، فيما قتل ثلاثة مصطافين في العشرينات من العمر خلال الموسم الماضي أثناء عودتهم من بجاية بالمكان المسمى تيزي نبشار، حيث اصطدم صاحب الدراجة بشاحنة من الوزن الثقيل. فيما لفظ سائق دراجة أخرى أنفاسه بعد انقلابه من الدراجة وتعرّضه لنزيف في المخ. كل هذه الحوادث لم تثن الكثير من الشباب عن اقتناء الدراجات النارية بكل أصنافها وأحجامها، فسوقها مزدهر للغاية وأثمانها لا تقل كثيرا عن أسعار السيارات، وقد يصل ثمن البعض منها إلى أكثر من 150 مليون لنوعيتها الجيدة، غير أن انتشارها الكبير أصبح يؤرق مصالح الأمن، التي أكدت أن العديد من مروجي المخدرات يقومون بتوزيع هذه السموم ليلا بعد الإفطار بواسطة الدراجات، زيادة على استعمالها في السرقة بالأحياء التي تعج بالعائلات، مثل حي أولاد ابراهم، وحي 1014 مسكن.