حققت تسجيلات وصور متداولة على صفحات التواصل الاجتماعي لأتباع الطريقة الكركرية، استقطابا كبيرا لدى الجزائريين، رغبة منهم في اكتشاف هذه "الطريقة الغريبة التي تصنف بأنها أحد امتدادات الطريقة العلوية التي تتخذ من مستغانم معقلا لها، وعزز الاهتمام الإعلامي بالظاهرة تزايد متابعة أخبارها والاطلاع على طقوسها، التي لا تختلف عن طرق كثير من الزوايا وخصوصا في الغرب والجنوب الغربي الجزائري. وتظهر هذه التسجيلات المتداولة الطقوس التي يمارسها أتباعها الشبيهة بطقوس فرق صوفية في المشرق العربي، كما تظهر أتباع الطائفة بألبستهم الملونة يرقصون في حلقات وهم يرددون أهازيج تذكر بأجواء يصنعها مشجعو فرق كروية في الملاعب الجزائرية. وقفز ملف هذه الطريقة إلى واجهة الأحداث، في وقت يظل ملف الفرق والنحل الدخيلة على المجتمع مفتوحا على مصراعيه، وطغيان الفكر المؤامراتي في تناول القضايا المرتبطة بالدين والعقيدة والوطنية. وعلق المحامي والناشط الحقوقي، أمين سيدهم، على صفحته "الإلهاء الجديد للأسبوع الأخير لشهر أوت من مهرجان السلاليات والتبونيات (نسبة لسلال وتبون) وأتباعهما إلى مهرجان الألوان والتلاعب باسم الدين".
طالع أيضا "الكركرية"... طائفة جديدة تصدم الجزائريين!
ويشير المحامي إلى الشكوك حول توقيت خروج الأتباع إلى الساحة في هذه المرحلة، وإن لم يكن الهدف توجيه الأنظار عن صراع سياسي احتدم في هرم السلطة، وهو صراع ظهر دخانه في جملة من العمليات القيصرية التي تمت في الأشهر الأخيرة. وذهب أحد المعلقين أبعد من ذلك، حيث ربط الطائفة بالمخابرات المغربية وكتب تحت عنوان "لا صوفية ولا هم يحزنون" بأن واحدا من الواقفين في صورة لأنصار الطائفة يشغل رتبة رائد في المخابرات المغربية، ويعمل بالقنصلية المغربية بفرنسا خلال اجتماع للطريقة بمدينة ليل بفرنسا قبل سنتين. وبحسبه، فهو يتولى قيادة الحملة الإعلامية للطريقة منذ سنة 2014 ضمن مخطط تنويع الطوائف وحشدها بالجزائر كمرحلة أولى تسبق جرّ البلاد إلى حرب طائفية مثل العراق ولبنان. صدر مثل هذا الرأي بخصوص طوائف أخرى كالأحمدية، التي تعرض أتباعها للملاحقة، وبسببها استمر وضع الجزائر ضمن قائمة الدول التي تمارس الاضطهاد الديني في مختلف التقارير التي تصدر عن منظمات حقوقية ودول غربية. غير أن التركيز على طريقة صوفية يحب أتباعها التجول بين الشواطئ والسير على الطرقات وإقامة حلقات رقص وهز البطون والرؤوس، والتحذير من خطر قائم يترجم إلى حالة الفراغ الثقافي والسياسي الذي يعيشه البلد. وسجل الباحث محند أرزقي فراد في تعليق له على القضية صمت ما أسماه "العقول المنيرة" عن مظاهر "الدروشة" الواردة من الغرب أو من الشرق أحيانا، أو من حكامنا المستبدين. و"دروشة" الوهابية التي تصدّر إلينا "فهما سقيما" للدين، على أنه صواب لا يحتمل الخطأ. مضيفا و"دروشة سياسة" رهيبة أهلكت الحرث والنسل، يمارسها سادة القوم منذ استعادة الاستقلال سنة 1962م. وتبعاتها أخطر على الجزائر من دروشة الطريقة الكركرية، لأنها (أي الدروشة السياسية) حالت دون بناء دولة حديثة قوامها العدل والحرية، وصار الوطن مخدوعا في ظلها. إنه لمن سخرية الدهر أن تتجاوز العقول المنيرة "دروشة" الكبار، وتقرع الأجراس أمام دروشة الصغار".