لجأت الحكومة إلى آخر الحلول من خلال التوجه إلى طباعة البنك المركزي مزيدا من الأوراق النقدية لتجاوز إسقاطات الأزمة وشح المداخيل الوطنية والتراجع الرهيب لمستويات السيولة النقدية على مستوى البنوك، حيث أقر قانون النقد والقرض في تعديل أخير شراء السندات المالية التي تصدرها الخزينة العمومية. وعدّل القانون المادة 45 مكرر من الأمر رقم 03/ 11 المتضمن المشروع التمهيدي للقانون المتعلق بالنقد والقرض، وتضمن هذه المادة بأنه "بغض النظر عن كل حكم مخالف، يقوم بنك الجزائر، ابتداء من دخول هذا الحكم حيز التنفيذ، بشكل استثنائي ولمدة خمس سنوات، بشراء، مباشرة عن الخزينة، السندات المالية التي تصدرها هذه الأخيرة، وهو ما يفتح المجال لطباعة المزيد من الأوراق النقدية، من خلال رفع ما يعرف الحد الأدنى للإقراض بين الخزينة العمومية والبنك المركزي المقدر حاليا ب10 في المائة، على أن التعديل الأخير لم يكشف عن النسبة الجديدة التي سيتعامل بها البنك المركزي في هذا المجال. وعلى هذا الأساس، فإنّ لجوء حكومة أحمد أويحيى إلى هذا الخيار يكشف عمق الأزمة المالية وتخبط السلطات العمومية في إيجاد الحلول المناسبة لها على الصعيد الاقتصادي، رغم التدابير المتخذة لتقليص النفقات العمومية من خلال تخفيض فاتورة الواردات الوطنية عبر فرض نظام الحصص على معظم الفروع الإنتاجية بداية من استيراد السيارات، فيما سيفرض اللجوء إلى طباعة المزيد من النقود دون أن يكون هناك ما يقابلها من القدرة الإنتاجية ستؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاقتصاد الوطني، حيث سترفع نسب التضخم إلى مستويات كبيرة بالموازاة مع تراجع قيمة الدينار الجزائري. وأشارت المادة المعدلة (المادة 45 مكرر) إلى أنّ خيار شراء السندات المالية التي تصدرها الخزينة العمومية سيوجه لتحقيق جملة من الأهداف ذكرت في مقدمتها تغطية احتياجات تمويل الخزينة وتمويل الدين العمومي الداخلي، بالإضافة إلى تمويل الصندوق الوطني للاستثمار، ما يؤكد على الصعوبات الكبيرة التي تجدها الحكومة في التعامل مع هذه الملفات، مع استمرار أزمة أسعار البترول ونفاد مخزون صندوق ضبط الإيرادات الذي استنجدت به السلطات العمومية منذ بداية انهيار أسعار البرميل في منتصف سنة 2014. وأوضح التعديل أن هذه الآلية توضع حيز التنفيذ لمرافقة إنجاز ما يعرف ببرنامج الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والميزانية، التي ينبغي أن تفضي في نهاية فترة الخمس سنوات كأقصى تقدير إلى استعادة توازنات خزينة الدولة وتوازن ميزان المدفوعات، وذكرت المادة أن آلية متابعة تنفيذ هذا الحكم تحدد من طرف الخزينة وبنك الجزائر عن طريق التنظيم.