تعمل مبادرة “طريق الحرير الجديد” الصينية على توسيع نفوذ قوة بكين الاقتصادية والتكنولوجية لتشمل بلدان العالم أجمع، وإلى جانب الصادرات التكنولوجية والاستثمارات بالبنية التحتية، تصدر الصين نموذجها لمراقبة الأنترنت أيضا. وقد أوضح الكاتب روب مارفين -في تقريره الذي نشرته مجلة “بي سي” الأمريكية- أن وضعية حرية الأنترنت تتفاوت بشكل كبير في جميع أنحاء العالم، ولكن تعتبر الصين رائدة في هذه الممارسات من رقابة الحكومة ومراقبة الجمهور. فوفقا لتقرير صادر عن منظمة فريدوم هاوس تُصدّر الصين نموذج “الاستبداد الرقمي” الخاص بها لدول أخرى. والجدير بالذكر أن فريدوم هاوس حلّلت حرية الأنترنت في 65 دولة في جميع أنحاء العالم بين جوان 2017 وماي 2018. ويشرح تقريرها كيفية تجهيز الحكومة والشركات التكنولوجية الصينية للعديد من البلدان الأخرى بالبنية التحتية للاتصالات، ومراقبة الذكاء الاصطناعي والتدريب على الرقابة، كي تسير هي الأخرى على خطى الصين. وتهدف هذه المبادرة إلى تقوية روابط الاستثمار والتجارة والبنية التحتية بين الصين وأكثر من 65 دولة أخرى في آسيا وإفريقيا وأوروبا والأمريكيتين. وتمثل هذه الدول مجتمعة 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و62% من السكان، و75% من احتياطات الطاقة المعروفة، وفقا للبنك الدولي. وتتخذ مبادرة الحزام والطريق أشكالا مختلفة في مناطق مختلفة. ففي إفريقيا تقدم القروض وتصدر التكنولوجيا وتشيد البنية التحتية في بلدان على غرار غينيا وكينيا. وفي بلدان أخرى، تعمل كل من الحكومة وشركات التكنولوجيا الكبرى الصينية -مثل هواوي وزد تي إي- على توسيع “طريق الحرير الرقمي” لشبكات الألياف البصرية صينية الصنع، فضلا عن تجهيز الحكومات الأجنبية بأدوات مراقبة الجمهور والرقابة على الأنترنت. وأضاف الكاتب أنه على صعيد البنية التحتية، عملت “هواوي” مع المكسيك لإنشاء أكبر شبكة “واي فاي” عامة بأمريكا اللاتينية، كما أنها بصدد إنشاء شبكات اتصالات الجيل الخامس في جميع أنحاء أوروبا. علاوة على ذلك، تسيطر كل من هواوي وزد تي إي على الغالبية العظمى لعقود الاتصالات بأوغندا. وحاليا، توقع الشركات الصينية عقودا مربحة لتوفير تكنولوجيا المراقبة والرقابة للحكومات الأجنبية. فمثلا ترتدي الشرطة الماليزية كاميرات للتعرف على الوجه من صنع شركة “ييتو” الصينية للذكاء الاصطناعي، في حين تعمل زيمبابوي مع شركة “كلاود ووك” الصينية لتنفيذ برنامج التعرف على الوجه على مستوى البلاد. أما في فنزويلا، فتدعم تكنولوجيا شركة زد تي إي بطاقات “أرض الآباء” التي طورتها حكومة مادورو لتتبّع ومراقبة المواطنين. ويعتبر نموذج الصين لمراقبة الأنترنت شاملا ومتطورا باستمرار، بما في ذلك جدار الحماية العظيم الذي يعترض التطبيقات والمواقع الإلكترونية، واستحداث التشريعات الجديدة على غرار قانون الأمن السيبراني لسنة 2018 الذي يركز على جميع سياسات الأنترنت. وأضاف الكاتب أنه وفقا لتقرير “فريدوم هاوس” نظم المسؤولون الصينيون تدريبات وندوات حول وسائط الإعلام الجديدة أو إدارة المعلومات مع ممثلين عن 36 دولة من أصل 65 شملها الاستطلاع. بالإضافة إلى ذلك، نظمت بكين تدريبات خاصة لمسؤولين من تايلندا وفيتنام والفلبين، فضلا عن دول عربية بما في ذلك مصر والأردن ولبنان وليبيا والمغرب والسعودية والإمارات. ويرى الكاتب أن نموذج مراقبة الأنترنت الصيني يواصل انتشاره جنبا إلى جنب مع التوسع الاقتصادي العالمي للصين.