الدستور ينص على أن الانتخابات الرئاسية وطنية وتجرى على كامل التراب الوطني ولا يجوز أن تجرى في جزء من التراب الوطني دون جزء آخر! وبهذه الصفة فإن الانتخابات التي لا تجرى في كل التراب الوطني لا تعتبر دستورية، ومن هنا فإن المعضلة التي تطرح أمام المجلس الدستوري الآن هي دستورية هذه الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي لم تجر في ربع التراب الوطني على الأقل! وبصرف النظر عن أن هذه الانتخابات شارك فيها ثلث السكان، حسب أرقام المشاركة التي أعلنت عنها سلطة الانتخابات. الناخبون بلغ عددهم، حسب سلطة الانتخابات، 9 ملايين وكسور من مجموع 24 مليون ناخب! وأن عدد الأصوات الملغاة قد يصل إلى ربع هذه النسبة المشاركة، ومعنى هذا الكلام أن الذين صوتوا فعليا (مع التزوير المحتمل) لا يتعدى عددهم ربع الهيئة الناخبة في أحسن الحالات، وأن الرئيس الفائز فاز بنصف هذه الأصوات المعبر عنها، أي ما يقارب 3 ملايين صوت! والنتيجة رئيس ينتخب وسط صخب سياسي ومقاطعة قياسية ب3 ملايين ناخب من مجموع 24 مليون ناخب، كيف سيسيّر دفة الحكم؟! كل الدلائل تشير الى أن البلاد تسير بعد هذه الانتخابات إلى تجديد النظام لنفسه بصورة ألعن وأسوأ مما تم في 1995 و1999، وقد تأكد هذا من خلال إقدام الرئيس المخلوع على التصويت في هذه الانتخابات! تتذكرون أن زروال الذي تم خلعه عمليا من خلال إجباره على الاستقالة المقنّعة، صوّت أيضا لصالح بوتفليقة حتى لا يساق إلى السجن من طرف من خلعه! تماما مثلما يحدث اليوم، حيث صوّت ناصر بوتفليقة عن نفسه وعن أخيه عبد العزيز، ربما صوّتا لصالح الرئيس الفائز كالعادة من الدور الأول في هذه الرئاسيات المثيرة للجدل! تصويت بوتفليقة في هذه الانتخابات يريد أن يقول من ورائه للرأي العام إن النظام الذي شيده طوال حكمه للبلاد 20 سنة، مايزال مستمرا، وفي هذا تشويش واضح على خصومه الذين بقوا في الحكم ويصفون حكمه بالعصابة! إعلان نتائج هذه الانتخابات بالطريقة التي تم بها، هو امتحان جدي للمؤسسات الدستورية للدولة. فالسلطة الوطنية احتاجت إلى 18 ساعة كاملة كي تعلن النتائج، وفي ذلك دلالة على أنها ليست هي المسؤولة.. كما أن إقرار المجلس الدستوري لانتخابات غير وطنية هو امتحان آخر لهذه المؤسسة. [email protected]