خلافا للانتخابات السابقة التي كانت تصفها بالمزورة، حرصت لويزة حنون على الإشادة بنزاهة الرئاسيات المنصرمة، رغم أن عدد الأصوات الذي حصلت عليه لم يتجاوز 160 ألف صوت، ما يعني اعترافا ضمنيا منها بأن هذا الوعاء الانتخابي يمثل حجمها الحقيقي من حيث الشعبية، حتى وإن اجتهدت في تسويق تبريرات أخرى لهذه النتيجة الهزيلة، لم تنجح في إقناع حتى القريبين منها من عائلة اليسار، بل ألقت المزيد من الغموض حول دوافع مشاركتها في هذه الانتخابات الرئاسية. وكانت لويزة حنون قد أرجعت تراجع وعائها الانتخابي، إلى اختيار عدد كبير من ناخبيها التصويت على الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، لأنه كان يمثل خيار السلم والسيادة الوطنية، اتقاء لمشاريع أخرى كانت تهدف حسبها إلى تقويض نعمة السلم التي تحققت للجزائريين بعد نضال طويل، وهو التبرير الذي حير كثيرا من المتابعين الذين تساءلوا عن سر عدم انسحاب لويزة حنون لفائدة الرئيس المترشح ما دام أن ذلك كان رأي أكثر من 500 ألف منتخب صوتوا عليها في انتخابات 2009، وقرروا منح ثقتهم لبوتفليقة في 2014. وباعتماد الأرقام التي أعلنت عنها وزارة الداخلية في الرئاسيات وصدقت عليها حنون، ينطوي مطلب تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة على مخاطر كبيرة بالنسبة لحزب العمال الذي يمتلك في البرلمان الحالي 24 مقعدا، إذ لا يمكن بعدد الأصوات التي حصلت عليها والتي تناهز 157792 صوت، ضمان سوى ثلث أو ربع هذا العدد من المقاعد. في المقابل، يبدو المترشح السابق علي بن فليس، الأكثر استفادة من هذا القرار في حال تبنيه، لأن عدد الأصوات التي حصل عليها (حوالي مليون وربع)، تمكنه في حال دخل بقوائم حرة أو من خلال الأحزاب التي تسانده من حصد عدد معتبر من المقاعد، ما يعني أن هذا المطلب سيصب في النهاية في خدمة دعاة عدم الاستقرار كما صورتهم حنون خلال الحملة الانتخابية التي كالت فيها انتقادات لاذعة للمترشح علي بن فليس. وتبرر حنون مطلبها الداعي لتنظيم انتخابات تشريعية مسبقة، بأن البرلمان الحالي لا يملك الأهلية للتصويت أو مناقشة الدستور القادم، لأن تزويرا ضخما شاب الانتخابات التشريعية ل2012، كما أن هذه الانتخابات كرست اختلاط المال الوسخ بالسياسة وشراء الذمم. وتريد حنون من البرلمان القادم أن يكرس مطلبها القديم بحق الشعب في سحب الثقة من المسؤولين على كل المستويات، ومنع التجوال السياسي والفصل الحقيقي بين المال والسياسية، واقتصار الحصانة البرلمانية على الشق المتعلق بالمهام البرلمانية للنائب. وبعيدا عن أرقام وزارة الداخلية التي لا يثق فيها الكثيرون، فإن حل البرلمان الحالي وتنظيم انتخابات تشريعية مسبقة، لن يغير، وفق مراقبين، من واقع الأغلبية شيئا، ما دامت الانتخابات تجري تحت سلطة الإدارة، وهو ما اتخذه جزء هام من المعارضة سببا لمقاطعة الرئاسيات، بعد رفض مطلبهم بإسناد تنظيم الانتخابات إلى لجنة مستقلة.