أكد عدد من أساتذة الطب من مختلف التخصصات أن الانتقال إلى مرحلة رفع الحجر الصحي بصفة كاملة عن الجزائريين بات ضرورة، شريطة التقيد بعدد من الإجراءات والتعاملات اليومية التي يتوجب على السلطات فرضها وإرفاقها بإجراءات ردعية لمنع انتشار كبير للفيروس. في حديثها ل "الخبر" عن إمكانية رفع الحجر الصحي كليا عن الجزائريين، أكدت البروفيسورة سامية زكري، اختصاصية الأمراض الداخلية بالمؤسسة الاستشفائية لبئر طرارية، أنه لا بد من الانتقال لهذه المرحلة، مع التقيد بسلسلة من الإجراءات، خاصة أن آثار هذا الحجر باتت واضحة، سواء فيما يتعلق بالناحية الاقتصادية أو من الناحية النفسية، بالرغم من أنه لم يكن هناك حجر صحي فعلي تقيد به كل الجزائريين واحترموه حسبها، حتى خلال يومي عيد الفطر اللذين فرض فيهما الحجر التام لتفادي تنقلات العائلات، مشيرة إلى تسجيل لأداء صلوات العيد التي تمت جماعة على مستوى العديد من الأحياء السكنية.
"سنذهب لا محالة نحو رفع الحجر".. هو ما صرح به ل "الخبر" من جهته البروفيسور امحمد نخموش، رئيس مصلحة أمراض الجهاز الهضمي بمستشفى محمد لمين دباغين "مايو" بباب الوادي في العاصمة، مثمنا فرض الحجر الكلي للتجول يومي عيد الفطر، واعتبره قرارا صائبا، كون المعروف عن الجزائري، بالنسبة للطبيب، أنه يزور 5 إلى 6 عائلات في مثل هذه المناسبات، وبالتالي فإن منع التجول الذي تم فرضه حال دون ذلك، وكان له تأثير واضح على سرعة انتشار فيروس كوفيد 19 المستجد الذي بات متواجدا في كل مكان. أما عن موقف اختصاصي الأمراض الصدرية البروفيسور سليم نافتي من الرفع الكلي للحجر الصحي، فجاء معارضا، حيث أكد ل"الخبر"، أن أكبر خطأ ارتكب هو عدم فرض الحجر الكامل منذ البداية، مثلما عمدت إليه دول شقيقة، خاصة مع اللاوعي الملحوظ عند نسبة كبيرة من الجزائريين، مشيرا إلى ضرورة الإبقاء على الحجر الصحي، مع فرض إجراءات ردعية صارمة وإلا فسنكون أمام وضع منفلت. البروفيسور عمار طبايبية، رئيس مصلحة الأمراض الداخلية بالمؤسسة الاستشفائية لبئر طرارية، أوضح قائلا "أن المسلم به أن الحياة مستقبلا لن تكون طبيعية بالتأكيد"، حاثاً على ضرورة التعايش مع الوضع والتأقلم معه لمدة أشهر، مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية، بدءًا من الوضع الإلزامي للكمامة واحترام التباعد الجسدي، ليضيف محدثنا قائلا: "إنه رغم تسجيل أكبر عدد من الوفيات عالميا كل سنة، بدليل تسجيل 36 مليون وفاة بسبب الأمراض المزمنة، لكنها لا تُرى كونها تسجل على مدار أشهر السنة، خلافا لوفيات فيروس كورونا، التي تسببها سرعة انتشاره". وبخصوص مسألة "المناعة المتقاطعة" التي من الممكن أن تكون مجدية بالنسبة للجزائريين، بينت دراسة أمريكية نشرت منذ أيام بمجلة "سيل" العلمية، تناولت وضعية فيروس كورونا المستجد بالجزائر، مفادها إمكانية تسجيل عدد أكبر من الأشخاص المحصنين ضد فيروس "كوفيد 19"، ويتعلق الأمر بمن أصيبوا بأمراض فيروسية مختلفة، ما يحفز إنتاج أجسام مضادة للفيروس التاجي. وعن هذه المسألة، أكدت لنا البروفيسورة زكري أن المراد بما أطلق عليه اسم "المناعة المتقاطعة" يعني أنه عن طريق الإصابة بفيروسات تاجية أخرى فإن أجساد نسبة كبيرة من الأشخاص قد تنتج أجساما مضادة قد تحمي من فيروس كوفيد 19 المستجد، لكنها "تبقى فرضيات لا يمكن الجزم بخصوصها"، تقول زكري، كون الأمر يتعلق بفيروس نجهل كل شيء عنه.