يعقد البرلمان التونسي, اليوم الثلاثاء, جلسة عامة لمناقشة لائحة برلمانية تقدمت بها كتلة ائتلاف الكرامة (19 نائبا) لمطالبة فرنسا بالاعتذار للشعب التونسي عن جرائم ارتكبتها في حقبة الاستعمار بدءًا من العام 1881 وما تلاه، حسبما ذكرته مصادر إعلامية محلية. وتتضمن اللائحة, بحسب المصادر ذاتها، "مطالبة الدولة الفرنسية بإعلان اعتذارها الرسمي والعلني عن كل الجرائم التي ارتكبتها في حق الشعب التونسي زمن الاحتلال المباشر وبعده, من جرائم قتل واغتيال وتعذيب ونفي وتهجير قسري ونهب للثروات الطبيعية والأملاك الخاصة ودعم صريح للاستبداد وللدكتاتورية". كما تنص اللائحة على أن "يطالب البرلمان فرنسا بأن تبادر بتعويض تونس وكل المتضررين من الجرائم المذكورة وكل الذين انجر لهم الحق قانونا, تعويضا عادلا مجزيا طبق ما تقتضي القوانين والأعراف الدولية, بما من شأنه أن يساهم في مسح الآلام والأحزان والمآسي التي تسبب فيها الاحتلال البغيض". وجاء في نص اللائحة أيضا "أن تضع فرنسا على ذمة الدولة التونسية والباحثين وعموم الناس كامل الأرشيف الرسمي المتعلق بتلك الحقبة السوداء, حتى تعي الأجيال الجديدة مساوئ الاستعمار وحتى لا تتكرر مآسيه". وقال النائب عن "ائتلاف الكرامة"، منذر بن عطية، في تصريح لوكالة "سبوتنيك"، إن هذه اللائحة تتنزل في إطار رد الاعتبار لضحايا هذه الحقبة التاريخية، معتبرا أنها أتت في وقت متأخر نظرا لمضي ما يزيد عن 60 سنة من خروج فرنسا من تونس. وأضاف بن عطية أن "التقارير التونسية تتحدث عن 10 آلاف ضحية من ضحايا الاحتلال الفرنسي في تونس, واغتيالات لقيادات تونسية بارزة على غرار فرحات حشاد والهادي شاكر، وإعدامات لشخصية هامة كمحمد علي الحامي ومصباح الجربوعي"، معتبرا أن هذه الانتهاكات ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية. و قال "للأسف الشديد خرجت فرنسا من تونس وكأن شيئا لم يكن, ونحن أردنا لهذه اللائحة أن تكون رسالة حضارية لتنظيف الجرح عبر مؤسسة برلمانية منتخبة". وأكد النائب أن بعض النواب من كتل برلمانية أخرى اقترحوا إضافة تعديلات على مضمون اللائحة من قبيل المطالبة بتعويض اقتصادي ومادي, على غرار "معاهدة فرساي" التي تضمنت تعويضات مادية كبرى فرض على ألمانيا منحها للدول المتضررة ماديا من الحرب العالمية، وعلى غرار ما حدث أيضا مع ضحايا النازية زمن الطائفة اليهودية. وعن حظوظ المصادقة على هذه اللائحة في البرلمان، قال بن عطية إنه من السابق لأوانه الجزم بمرور هذه اللائحة بالنظر إلى التغييرات التي تحدث عادة في اللحظات الأخيرة, مضيفا "إلى حدود اليوم ضمنا أصوات كتلتيْن برلمانيتيْن وافقتا على مضمون اللائحة بشكل مطلق, مقابل وجود كتل أخرى ما تزال متحرجة من المبادرة"، مؤكدا أن كتلته مستعدة للتفاعل إيجابيا مع كل مقترح تعديل بشرط ألا يمس من جوهر اللائحة.