أخفق مجلس النواب التونسي الليلة في التصويت على لائحة تطالب الدولة الفرنسية بتقديم اعتذار عن جرائمها خلال فترة استعمارها لتونس من ماي 1881 حتى الاستقلال في مارس 1956 وكذا جرائم اخري قبل الجلاء عن بنزرت في أكتوبر بعد مناقشة دامت سبع ساعات . وصوت لصالح اللائحة التي قدمتها كتلة ائتلاف الكرامة 75 نائبا، مقابل 40 متحفظا وخمس اعتراضات، وتنص اللائحة على مطالبة الدولة الفرنسية بإعلان اعتذارها الرسمي والعلني عن كل ما اقترفته في حق الدولة التونسية وفي حق الشعب التونسي زمن الاحتلال المباشر وبعده من جرائم قتل واغتيال وتعذيب واغتصاب ونفي وتهجير قسري ونهب للثروات الطبيعية والأملاك الخاصة ودعم صريح للاستبداد وللدكتاتورية. ونصت اللائحة على مطالبة البرلمان التونسيلفرنسا بأن تبادر بتعويض الدولة التونسية وكلّ المتضرّرين من الجرائم "المذكورة وكلّ الذين انجر لهم الحق قانونًا، تعويضًا عادلاً مجزياً طبق ما تقتضي القوانين والأعراف الدولية بما من شأنه أن يساهم في مسح الآلام والأحزان والمآسي التي تسبب فيها الاحتلال البغيض" وتتضمن اللائحة البرلمانية الدولة الفرنسية بأن "تضع على ذمة الدولة التونسية والباحثين وعموم الناس كامل الأرشيف الرسمي المتعلق بتلك الحقبة السوداء حتى تعي الأجيال الجديدة مساوئ الاستعمار وحتى لا تتكرّر مآسيه". وجرى خلال النقاشات بين النواب تحفظات تخص على الآلية الدستورية لتوجيه اللائحة نحو الدولة الفرنسية، باعتبار أن مخاطبة البرلمان لدولة اجنبية يتعين ان يتم عبر رئيس الجمهورية المخول بالشؤون الخارجية وفقا للدستور التونسي. وقبل التصويت قال رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدّين مخلوف الذي قدم اللائحة أن فرنسا نفسها قدمت طلب اعتذار من ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية واحتلال باريس، ونحن نعتبر أن الشعب التونسي لا يقلّ إنسانية عن الشعب الفرنسي "، مشيرا الى أن هذه اللائحة "ليست إعلان حرب، بل انها من أرقى وأسمى الطّرق لتمكين الشعبين التونسي والفرنسي من تجاوز الماضي،ل أنه لا يمكن الحديث عن شراكة كاملة وندية من دون اعتذار ومعالجة لقضايا الماضي". و رفضت كتلة الحزب الدستوري الحر المحسوبة على نظام بن علي التصويت لصالح اللائحة بسبب عدم تضمينها بندا لتكريم زعماء الحركة الوطنية من نقابيين. فيما أبدى الأمين العام لحركة النهضة ،علي العريض، مخاوفه من أن تضر مثل هذه اللائحة في الظروف الحالية بمصالح تونس وقال أن "طلب الاعتذار يجب أن يكون في وقته المناسب وليس قبل أن تتهيء له الظروف والمستلزمات القانونية والسياسية"، كما أن طرحه "دون إعداد قانوني وتقدير سياسي سليم لا أتوقع ان ينتج عنه غير الأضرار بمصالح تونس والتونسيين وعلاقاتنا مع الدولة الفرنسية والزج بهذه العلاقات المتعددة الأوجه في أتون المزايدات والتشويش". وكان لعريض يشير الى المخاوف نفسها التي تحدث عنها رئيس كتلة قلب تونس أسامة الخليفي، بشان العوامل الاقتصادية والمالية، اذ تعد فرنسا أول حريف لتونس وأول مزوّد لتونس وأكبر مستثمر في تونس ويقيم فيها قرابة المليون تونسي،ناهيك عن تأثيرها على المؤسسات المالية الدولية التي تقرض تونس.