اختتمت، أمس الأحد، الدورة العادية ال34 لمؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي التي عقدت لأول مرة افتراضيا، بسبب جائحة كورونا، وذلك تحت شعار “الثقافة والتراث والفنون روافع بناء قارتنا”، الذي لم يترجم حقيقة أجندة قادة ورؤساء حكومات الدول الإفريقية التي تصدرها ملف إسكات البنادق بشكل كبير، خاصة ما تعلق بالاحتلال المغربي للصحراء الغربية، والإرهاب في الساحل، والتوتر حول سد النهضة، بين إثيوبيا والسودان ومصر، وغيرها من الأزمات، إضافة إلى ملف الإصلاح الداخلي للاتحاد. شهدت الدورة العادية ال34 للاتحاد الإفريقي انتخابات لمؤسسات التكتل الإفريقي، شملت مناصب رئيس الاتحاد والمفوضية الإفريقية، حيث انتخب رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، رئيساً للاتحاد الإفريقي لسنة 2021، خلفاً لرئيس جنوب إفريقيا، وقال الرئيس الجديد للاتحاد، خلال كلمة له بالجلسة الافتتاحية، إنه يعتزم خلال ترؤسه الدورة الحالية، ترسيخ رؤية اتحاد إفريقي في خدمة الشعوب الإفريقية، وذلك تكريماً للآباء ومؤسسي الوحدة الإفريقية. وخلال القمة أعيد انتخاب التشادي موسى فكي، الذي كان المرشح الوحيد، رئيسًا للمفوّضية الإفريقية لولاية ثانية، وأعرب فكي في تغريدة عن اعتزازه الكبير بتصويت تاريخي وبأغلبية ساحقة على منحه الثقة، بعدما انتخبته 51 دولة من أصل 55 منضوية في الاتحاد. وفيما فازت رواندا بمنصب نائب رئيس المفوضية، حازت زامبيا على منصب مفوض التجارة، ومصر على منصب مفوض الاتحاد للبنية التحتية والطاقة، كما انتُخب النيجيري بانكولي أدييوي رئيسًا لمفوضية عليا تجمع الشؤون السياسية وإدارة السلام والأمن خلفا للجزائري إسماعيل شرقي، المنتهية عهدته والذي قضى فترتين متتاليتين على رأس أهم هيئة داخل الاتحاد الإفريقي. ومن جانب آخر، مُني مرشح المغرب بفشل ذريع على خلفية خسارة مرشحه الرهان على منصب مفوض الزراعة والتنمية والاقتصاد الأزرق والبيئة أمام مرشحة أنغولا التي فازت بفارق كبير في أول امتحان، رغم محاولات المملكة كسب رهان الترشيح لهذا المنصب بكل الطرق الملتوية، وبالاعتماد بشكل خاص على نفوذ فرنسا في البلدان الفرنكوفونية الإفريقية، وفي مقدمتها تلك التي فتحت قنصليات لها في مدينة العيون المحتلة. وتجدر الإشارة إلى أن المغرب قد حدد استراتيجية مبنية هي الأخرى على المقايضة، للفوز بمنصب مفوض السلم والأمن الذي تولته الجزائر منذ إنشائه، حيث قدم المغرب مرشحين لمناصب جميع المفوضين باستثناء واحد بهدف الحصول على منصب مفوض السلم والأمن، مقابل سحب مرشحيه الأربعة الآخرين لفائدة المرشحين لتلك المناصب، على أن تدعم دولهم مرشح المغرب لمفوضية السلم والأمن. لكن مرشحي المغرب الأربعة سقطوا دفعة واحدة من القائمة التي تم اعتمادها بعد إخضاع ملف كل مترشح للفحص وذلك لعدم تمتعهم بشروط الترشح. ويرى دبلوماسيون أن بقاء مرشح واحد مغربي وفشل الدبلوماسية المغربية في الحصول على الأقل، على مفوضية واحدة، يعكس العزلة التي يعاني منها المغرب داخل القارة ومؤسساتها، كما يكشف زيف إدعاءات دعم العديد من البلدان له في سياسته تجاه إفريقيا ومساعيه الفاشلة لتجميد عضوية الجمهورية الصحراوية داخل المنظمة القارية. ويذكر أن المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، قد رفض أيضا، محاولة المملكة تمرير مشروعين للبنية التحتية عبر الأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية في اتجاه دول غرب إفريقيا، باعتبار أن الاتحاد لا يقبل خرق حدود الدول الأعضاء طبقا لقانونه التأسيسي، وقائع تثبت زيف ادعاءات المغرب حول حجم الدعم الذي يتمتع به داخل الاتحاد وفي القارة. وبمقابل هزائم المغرب، أكد ممثل جبهة البوليساريو بالاتحاد الإفريقي، لمن أبا علي، أنه يعلق آمالا كبيرة على القيادة الجديدة بالاتحاد لتنفيذ جميع قرارات القمة السابقة إنصافا للقضية الصحراوية، ومن جهته اعتبر وزير الخارجية الصحراوي، محمد سالم ولد السالك، في تصريح للصحافة النيجيرية، أن الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي ومؤسساته على المحك، إذا لم يستطع معاقبة المغرب الذي ينتهك مبادئه الأساسية، وتساءل كيف ستكون شرعية الاتحاد الإفريقي إذا لم يستطع معاقبة عضو ينتهك مبادئه الأساسية التي تنظمه؟ وتعتبر عودة الحرب بين المغرب والبوليساريو امتحانا حقيقيا لنوايا الاتحاد الإفريقي الذي يضم الطرفين، ورغم تحركه في السنوات الأخيرة لتحريك الملف على المستوى الأممي، تلقى انتقادات بضعف القرارات حيال النزاع، وطغى موضوع الإصلاح الداخلي على مناقشات قادته في عدة مناسبات، إلا أنه استطاع مؤخرا تحريك المياه الراكدة بالصحراء الغربية، وهو ما يشكل آمالا كبيرة لدى الصحراويين في دعم حقهم في تقرير المصير.