كشف الوزير الأول، عبد العزيز جراد، أمس، عن صدور أمر بالقبض الدولي، ضد المتسبب الرئيسي في قضية الفساد المتعلقة بشراء مجمع سوناطراك لمصفاة النفط أوغستا بإيطاليا، التي قدمت على أنها "صفقة القرن"، قبل أن تتحول إلى فضيحة دولية. صرح الوزير الأول، في خطاب له خلال زيارة قام بها في إطار إحياء الذكرى ال50 لتأميم المحروقات وال65 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، بأن "القطب القضائي الاقتصادي والمالي قد فتح تحقيقا في قضية مصفاة أوغستا، حيث أصدر قاضي التحقيق أمرا بالقبض الدولي ضد المتسبب الرئيسي في الوقائع". وأكد الوزير الأول "عزم الدولة على مواصلة أخلقة الحياة العامة والمجال الاقتصادي بتوفير الشروط اللازمة لبيئة اقتصادية تسودها الشفافية والمنافسة السليمة من جهة، ومحاربة الفساد بما يمليه القانون من جهة أخرى". وبالعودة إلى تفاصيل هذه القضية، فإنه بتاريخ جويلية 2018، قررت محكمة بئر مراد رايس بالجزائر العاصمة، فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات في موضوع اقتناء سوناطراك لمصفاة "أوغستا" في إيطاليا، وفي أعقاب ذلك، قامت المحكمة بوضع نائب الرئيس السابق لمجمع سوناطراك، أحمد مازيغي، الذي عمل مستشارا للرئيس المدير العام السابق للمجمع، عبد المومن ولد قدور، رهن الحبس المؤقت، بتهمة تبديد المال العام واستغلال وظيفته، وهذا بعد توقيع اتفاقية البيع مع "إيسو إيطاليانا"، الفرع الإيطالي لشركة "إيكسون موبيل" في ماي 2018، أبرمت سوناطراك اتفاقية بيع مصفاة أوغستا بتاريخ 1 ديسمبر 2018. وأوضح بيان أصدرته سوناطراك في ذلك الوقت أن "نطاق هذه الصفقة يشمل مصفاة أوغوستا، ومحطات النفط الثلاث الموجودة في باليرمو ونابولي وأوغوستا، فضلاً على أسهم في أنابيب نفط تربط المصفاة بمختلف المحطات". ويأتي كل هذا، رغم تأكيد المسؤولين سنة 2018 أن شراء مصنع "أوغوستا" صفقة "مربحة جدا"، من حيث المردودية، وهو ما جاء في تصريح للمدير العام الأسبق لسوناطراك، أحمد مريغي، الذي قال إن المصفاة "كبيرة بما فيه الكفاية ومتطورة وبالتالي مردوديتها أكبر"، مؤكدا أن "طاقة تكريرها تقدر ب10 ملايين طن سنويا"، وأن هذه القدرة تصنفها في المرتبة الثانية من بين مواقع سوناطراك في مجال القدرة بعد مصفاة سكيكدة (16 مليون طن سنويا)، كما كان نفس المسؤول قد عبّر عن نية سوناطراك في اقتناء قدرة تكريرية تقدر ب10 ملايين طن سنويا وعدة نهائيات لتخزين الوقود تقع بنابولي وباليرمو وأوغوستا بطاقة تخزين إجمالية تقدر ب925 ألف برميل. كما أوضح مصدر على صلة بالملف، أنّ الصفقة كانت محل نقاش وانتقاد حتى داخل الحكومة، وهذا بعد الثغرات التي سجلت حينها، ومن بين ذلك كون سعر الشراء الذي يعتبر باهظًا، والذي قدر في حدود 725 مليون دولار، بالإضافة إلى أن هذه المصفاة قديمة، يعود تاريخ صنعها إلى 70 سنة، ومنشآتها مهترئة والتكاليف الضخمة التي يتطلبها تصليحها وجعلها تتماشى مع المعايير البيئية. للتذكير اضطرت شركة سوناطراك لمباشرة أشغال صيانة واسعة عليها، حيث اقترضت في ديسمبر 2019 ما قيمته 250 مليون دولار من الشركة العربية للاستثمارات "أبيكورب" لتمويل عمليات الصيانة.