فاجأ إعلان الرئيس عبد المجيد تبون عن نيته في جمع المواعيد الانتخابية التشريعية والمحلية معا سياسيين وملاحظين، بسبب الإشكالات السياسية والقانونية والتنظيمية التي يطرحها وخفايا القرار. وأفاد الدكتور أحمد بطاطاش، المختص في القانون الدستوري، وعضو المجلس الشعبي الوطني السابق، بأنه لا يوجد في النظام القانوني الجزائري ما يسمى بالانتخابات المحلية المسبقة. وكتب "لا الدستور الجزائري ولا قانوني الولاية والبلدية يسمحان لرئيس الجمهورية بتنظيم انتخابات محلية مسبقة أو حل جماعي لكل المجالس المحلية المنتخبة". وتابع في تعليق له نشره على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي: "قانونا الولاية والبلدية حددا حالات حل هذه الجالس بصورة حصرية، وهي في حالة "خرق أحكام دستورية"، و"في حالة إلغاء انتخاب جميع أعضاء المجلس، وفي حالة "استقالة جماعية لأعضاء المجلس الشعبي البلدي أو الولائي"، "عندما يصبح عدد المنتخبين أقل من الأغلبية المطلقة"، وفي حالة "اندماج بلديات أو ضمها أو تجزئتها"، وفي حالة "حدوث ظروف استثنائية تحول دون تنصيب المجلس المنتخب". و"عندما يكون الإبقاء على المجلس مصدرا لاختلالات خطيرة تم إثباتها أو من طبيعته المساس بمصالح المواطنين وطمأنينتهم"، مضيفا "أن هذا المبرر استخدم في حل مجالس محلية في منطقة القبائل إثر أحداث الربيع الأسود". وفي السياق ذاته نبه النائب السابق بالمجلس الشعبي الوطني، ناحت يوسف، في تعليق له على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي إلى أن الاقتراح "غير مناسب ولا يخدم العملية الانتخابية للعديد من المعطيات الواقعية، ومنها للتعقيدات التي يطرحها نظام القائمة المفتوحة، وبالنظر إلى أن قوائم المجالس الشعبية الولائية تتميز بكثرة المترشحين مع اعتماد التشطيب". ونبه البرلماني السابق إلى أن "عملية المراقبة تصعب في هذه الحالة لعدم توفر التأطير الكافي والكفؤ لدى السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات". وقرأ المحلل السياسي نبيل سوامي في التوجه لجمع المواعيد الانتخابية بأنه محاولة ل"ممارسة ضغوط قصوى على القيادات الحزبية المعارضة لخوص الانتخابات قسرا عنها، وضمن مسعى رفع نسبة المشاركة في هذه الانتخابات". واعتبر في اتصال هاتفي مع "الخبر": "إن السلطة تحاول لي ذراع القيادات الحزبية وخصوصا حزبي جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، التي ستجد نفسها في مواجهة ضغوط كوادرها من الجيل الجديد الراغبين في دخول المجالس المنتخبة، وبسبب رغبة هذه الأحزاب في الحفاظ على مواقعها التقليدية في منطقة القبائل. ونبه إلى وجود مسعى أيضا لكسر الحراك الشعبي من خلال إغراء تيار فيه بخوض غمار الانتخابات والاستفادة من الترقية الاجتماعية التي تتيحها عضوية البرلمان. وأشار سوامي إلى الإشكالات الدستورية والقانونية التي يطرحها مثل هذا القرار، حيث يحتاج قرار الحل إلى مباركة المحكمة الدستورية التي لم تنصب بعد، لافتا إلى أنه إذا صدر قرار بهذا الخصوص، فإنه سيكرس طغيان القرار السياسي على الشرعية الدستورية. وتساءل كيف نذهب إلى انتخابات محلية وقانونا البلدية والولاية غير جاهزين. وفرض تقسيم إداري جديد دون نقاش وطني، منبها إلى أن مبرر اقتصاد المال يسقط أمام استحداث هياكل إدارية جديدة تتطلب مقدرات مالية إضافية. ولاحظ "أن قرار الذهاب إلى انتخابات لا يستجيب إلى تحديات المرحلة، في فترة تمر فيها بلادنا بأزمة سياسية عميقة، ووجود أحزاب لا تستجيب لتطلعات المجتمع"، لافتا إلى "أهمية إعداد الأجواء المناسبة للأحزاب السياسية، للعودة للنضال وفتح المجال السياسي والإعلامي".