قال الوزير والدبلوماسي السابق، عبد العزيز رحابي إن بيان إسبانيا الأخير حول أولوية الحكم الذاتي على تقرير مصير الشعب الصحراوي يشكل "قطيعة ثلاثية الأبعاد" في موقفها من القضية الصحراوية وفي بنية علاقاتها مع شمال إفريقيا. وأضاف رحابي عبر حسابه على "فايسبوك" إن الاستراحة الأولى تتمثل في نهاية الإجماع الاجتماعي والسياسي الداخلي في إسبانيا والذي تم تشكيله لمدة 47 عامًا حول المسؤولية التاريخية لإسبانيا الفرنكوستية في التخلي عن الساقية الحمراء ووادي الذهب والتزام إسبانيا الديمقراطية بدعم تقرير مصير الشعب الصحراوي دون تفضيل لا الحكم الذاتي ولا الاستقلال، بل الاتفاق بين المغرب والبوليساريو في إطار الأممالمتحدة. وذكر رحابي بتحالف خوسيه لويس ثاباتيرو رئيس الحكومة الإسباني الأسبق مع فرنسا، المؤلف المادي لخطة الحكم الذاتي لعام 2007، حيث انضم إلى هذه العملية دون أن ينجح في إقناع الطبقة السياسية الإسبانية أو الصحراويين كما واجه معارضة شديدة من عدة مئات من لجان الدعم للشعب الصحراوي الناشطة بشكل خاص في البلديات الاشتراكية الإسبانية. وأكد الدبلوماسي السابق، إن موقف إسبانيا إزاء القضية جعلها في قطيعة مع موقفها التقليدي، حيث عولت اليوم على الضمان الذي أخذته من المغرب للسيادة الكاملة لمدينتي سبتة ومليلية، وبالتالي رفع ابتزاز تدفقات الهجرة المنظمة والضائقة الإنسانية، إلى مرتبة السلاح الدبلوماسي المفضل في العلاقات بين الدول، بالمقابل اعتبره رهان محفوف بالمخاطر لأنه لا يوجد كيان في العالم قادر على احتواء تدفقات الهجرة الاقتصادية في إفريقيا، مشيرا إلى أن الجزائر التي لديها 7 حدود مشتركة في إفريقيا تستقبل يوميًا ومنذ 10 سنوات أكبر عدد من المهاجرين من جنوب الصحراء مقارنة بجميع بلدان المغرب العربي وأوروبا مجتمعة، لم تفكر أبدًا في تنفيذ عمليات من هذا النوع من الإبتزاز بحكم أخلاقياتها وعقيدتها الدبلوماسية. وذكر الوزير السابق، أن القطيعة الثالثة، تتعلق بفقدان التوازن في المصالح الدبلوماسية الذي سيؤثر بشكل دائم ونوعي على العلاقات الجزائرية الإسبانية التي تتميز بالثقة والاعتبار المتبادلين من خلال تبني هذا الموقف الأخير، مضيفا أن إسبانيا التي كانت يسمع إليها تُستشار وتحترم من قبل جميع الأطراف في المنطقة، فقدت مكانتها التاريخية كمحور في البحث عن حل عادل ودائم لنزاع الصحراء لتصبح صاحبة مصلحة منحازة، وبالتالي، تفقد الوزن الذي منحه التاريخ ومزايا الحياد النشط في منطقة تمثل مع أمريكا اللاتينية وأوروبا أحد أعمدة نفوذها الدولي. وقال رحابي، -في خلاصة القول-إن قرار رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بقدر مقامرة دونالد ترامب أو مؤازرة فرنسا غير المشروطة للأطروحات المغربية لن يغير شيئًا جوهريًا في الوضع في الصحراء الغربية، الذي استمر لمدة 47 عامًا وآفاقه للتوصل إلى حل يبدو غير مؤكد أكثر فأكثر لأن مسائل إنهاء الاستعمار وتقرير المصير للشعوب هي جزء من الزمن التاريخي أكثر من الأحداث الجارية في أوروبا أو في الحسابات جيواستراتيجية الظرفية.