لا زال اسم النظام المغربي يذكر مع أي فضيحة فساد أو رشوة، إذ كشفت الصحف الأوروبية، أن مخابرات "المخزن" متورطة في فضيحة جديدة بالبرلمان الأوروبي، بعد التحقيق الذي أجراه مكتب المدّعي الفيدرالي البلجيكي، الذي أكد انخراط 15 نائبا أوروبيا في القضية، واعترف بعضهم بأنهم كانوا طرفا في إحدى المنظمات التي تموّلها المخابرات بالرباط. وكانت المخابرات البلجيكية، بمساعدة محققين أوروبيين، قد بدأت تحقيقات قبل خمسة أشهر، بعد تلقيها معلومات عن نشاط مشبوه ل "شبكة" تعمل لحساب المغرب، تهدف إلى التدخل في قرارات الاتحاد الأوروبي وفي مناصب رئيسية في عدة مؤسسات، لاسيما البرلمان. وتحصلت صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية على وثائق متعلقة بممارسات مشبوهة لبعض النواب في البرلمان الأوروبي ومقره بروكسل، قبل أن تكشف صحيفة "لوسوار" البلجيكية عن اعتقال نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي اليونانية، إيفا كايلي، مضيفة أن رفيقها الإيطالي فرانشيسكو جيورجي، اعترف الخميس، للمحققين البلجيكيين، أنه كان ناشطا في إحدى المنظمات التي يستعملها المغرب بغرض التدخل والتأثير في قرارات البرلمان الأوروبي. واعترف فرانشيسكو جيورجي أمام المحققين بأن دوره في المنظمة كان إدارة الأموال، بينما يشتبه في حصول شخصين آخرين، وهما البرلماني الأوروبي الإيطالي، أندريا كوزولينو والبلجيكي مارك طرابيلا، على أموال من قبل النائب الاشتراكي السابق في البرلمان الأوروبي، بيير أنطونيو بانزيري. واستنادا للوثائق التي تحصلت عليها صحيفتي "لوسوار" و"لاريبوبليكا"، فإن أنطونيو بانزيري وأندريا كوزولينو ومساعده فرانشيسكو جيورجي كانوا على اتصال بالمخابرات المغربية من خلال المديرية العامة للدراسات والتوثيق التي يرأسها ياسين منصور، وكذا سفير المغرب في بولندا، بالإضافة إلى اثنين من عملاء المخابرات المغربية، دون تحديد جنسيتهم. وأشارت صحيفة "لاريبوبليكا" في تحقيقها، أن المغرب هو الأكثر نشاطا في مجال البحث عن التأثير (على البرلمان الأوروبي) من خلال الاجتماعات والمقابلات ووجبات العشاء التي يقيمها كبار مسؤولي المخابرات بالرباط مع النواب الأوروبيين. وكشف البرلماني السابق في البرلمان الأوروبي، جوسي بوفي، عن فضيحة رشوة تورّط فيها رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش عندما كان الأخير وزيرا للفلاحة، مشيرا أن محاولة الرشوة حدثت خلال المفاوضات التي جمعتهما بشأن اتفاقية التجارة الحرة عندما كان مُقرِرًا للجنة التجارة الخارجية في البرلمان الأوروبي بين 2009 و2014. وأوضح الخبير الفرنسي في البيئة، جوسي بوفي، الجمعة، على القناة الإذاعية الفرنسية "فرانس إنتر"، أن أخنوش "استغل بعض النواب الأوروبيين لمحاولة تمرير أحد المشاريع"، مضيفا: "بصفتي مقررا لاتفاقية التجارة الحرة بشأن الخضر والفواكه مع المغرب، فقد عارضت هذا المشروع لأنه كان مضرا بالمنتجين المغاربة والأوروبيين، على حد سواء". وتابع أن أخنوش "دعاني أن نلتقي بين أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة في أحد المقاهي في مدينة مونبوليي، وعرض أن يحضر لي هدية، وكان واضحا أنها أموال"، واختتم قائلا: "لقد قدمت له عنوان المحامي ثم توقفت عن الكلام"، حسبه. تضاف هذه القضية إلى فضيحة تجسّس جديدة تورطت فيها مخابرات المخزن باستخدام نظام "بيغاسوس"، إذ تم اختراق هاتف رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز. وكشفت صحيفة "الإسبانيول"، أول أمس، أنه تم الكشف عن تحميل 15 ألف ملف وألف صورة من هاتف رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، بواسطة برنامج "بيغاسوس" الذي طورته شركة "آن. آس. أو" الصهيونية. ورجّحت الصحيفة الإسبانية أن يكون المغرب وراء اختراق هاتف سانشيز ووزيرة دفاعه، مارغريتا روبلس، وذلك في ماي 2021 تزامنا مع توتر العلاقات بين الرباط ومدريد بسبب استقبال الأخيرة الرئيس الصحراوي، إبراهيم غالي، للعلاج من مضاعفات فيروس "كورونا" المستجد. وسبق للمخابرات المغربية استعمال برنامج "بيغاسوس" والذي تجسست من خلاله على هواتف مسؤولين أوروبيين وأفارقة، وهذا ما يرجّح تورّط "المخزن" في التجسس على المسؤولين الإسبان. وفي السياق، كشفت صحيفة "لارازون"، في عددها الصادر قبل يومين، أن تاريخ اختراق هواتف وزراء الدفاع والداخلية والزراعة الإسبان، تزامن مع محاولة عبور حوالي 10 آلاف مغربي الحدود إلى الأراضي الإسبانية في أقل من يومين، بتواطؤ من السلطات المغربية، حسب الصحيفة، التي أضافت أن استهداف وزير الزراعة، لويس بلاناس، يعود إلى كونه سفيرا سابقا بالمغرب، وهو ما رجّح فرضية تورط المغرب في القضية. ويربط المتابعون بين تغيّر موقف بيدرو سانشيز من قضية الصحراء الغربية وإعلانه في بيان، لا يزال يثير الجدل إلى حد الآن، دعمه المطلق لمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع الصحراوي وتعرّض هاتفه للتنصّت من قبل الاستخبارات المغربية عبر برنامج "بيغاسوس"، مما جعله يتخذ قرارا ورّط به الحكومة وجعلها في قلب أزمة سياسية داخلية ومحل انتقادات واسعة دوليا.