تسابق الحكومة الزمن لإعداد الأرضية الضرورية في مجال استيراد السيارات الكهربائية والهجينة ودخولها الحظيرة الوطنية بداية من السنة الجارية، إذ يفرض دفتر الشروط الخاص باستيراد السيارات الجديدة من قبل الوكلاء تخصيص حصة لا تقل عن 15 في المائة لاستيراد هذا النوع من السيارات، وهو ما يعتبر شرطا ضروريا للحصول على الاعتماد النهائي لمزاولة النشاط. خطوة فرض استيراد حصة من السيارات الكهربائية والهجينة على الوكلاء رغم كونها تهدف إلى التقليل من انبعاث غاز الكربون وكذلك الغازات السامة المنبعثة من عوادم المركبات ذات محركات الاحتراق الداخلي، باعتبارها أحد التوجهات العالمية التي تترجم من خلال عمل الشركات المصنّعة بحلول سنة 2040، عن المحركات التقليدية المستعملة حاليا، عن طريق تعميم اقتناء السيارات الكهربائية، مرورا بالسيارات الهجينة وذلك حماية للبيئة، تفرض في المقابل الاستعداد لهذه المرحلة تفاديا لوقوع الوكلاء والزبائن بين المطرقة والسندان. تأتي هذه المرحلة في الوقت الذي لا يزال أصحاب المركبات المستعملون لوقود غاز البترول المميع "سيرغاز" يعانون في كل مرة وينددون بعدم كفاية محطات الوقود المتوفرة على مضخات "سيرغاز"، على الرغم من أن هذا النوع من المركبات يعمل أيضا بالبنزين، وبالتالي فإن احتمال توقفها عن السير بسبب الوقود غير وارد، إلا أن هذه التجربة كفيلة بتقليص حجم ثقة المواطنين في استعمال السيارات الكهربائية أو الهجينة. وبالموازاة مع هذا، فإن مؤسسة نفطال أطلقت مؤخرا استدراكا للوضع مناقصة لإعداد قائمة مصغرة تضم الشركاء من المؤسسات الناشطة في المجال، قصد إنجاز المشروع وتعميم محطات الشحن الكهربائية عبر كافة التراب الوطني، لضمان تزويد متطلبات السيارات الكهربائية المراد استيرادها خلال المرحلة المقبلة، كما أطلقت نفطال أول محطة نموذجية لتعبئة الكهرباء لتجربتها ودراسة الجودة والتجهيزات وغيرها، كان من المرتقب تعميمها على 7 محطات أخرى على مستوى ولاية الجزائر، وهي الخطوة التي تتجسد بوتيرة متواضعة، على الرغم من كون الأصداء تشير إلى اقتراب الانطلاق في عمليات الاستيراد الأولى للسيارات الجديدة، إذ من المقرر أن تباشر فور صدور النصوص التطبيقية ومنح الاعتمادات النهائية للوكلاء.
"على الجهات المسؤولة تسريع وتيرة الاستعداد"
ويؤكد المنسق الوطني لجمعية حماية المستهلك ومحيطه، فادي تميم، ضرورة تسريع الجهات المسؤولة وتيرة التحضير لاستيراد السيارات الكهربائية والهجينة، باعتبارها أحد أبرز النقاط التي تؤرق المستهلك، مشيرا إلى العمل بشكل استعجالي على تجسيد إطلاق النهائيات الكهربائية لشحن هذا النوع من المركبات. وعلى الرغم من أن المتحدث قال في تصريح ل"الخبر" إن قرار استيراد السيارات الكهربائية والهجينة يندرج ضمن مساعي السلطات العمومية للتقليل من الانبعاثات الغازية والكاربون، وهو التوجه الذي تتبناه العديد من الدول عبر العالم، إلا أنه كان من الضروري على دوائر اتخاذ القرار وضع الأرضية الخاصة بهذا، مشيرا إلى وجود محطتين لشحن السيارات الكهربائية فقط، تضاف إليها محطة خاصة على مستوى محطة الوقود بالشراڤة في العاصمة. وذكر ممثل جمعية حماية المستهلك، في السياق ذاته، أن المنظمة شاركت مؤخرا في جلسات العمل لسلطة ضبط الكهرباء والغاز وطرحت هذا الانشغال عليها، بينما تتجه الجهات المسؤولة في هذا الشأن إلى توفير نهائيات الشحن الكهربائية بالمحطات المتواجدة بالطريق السيار في إطار الشراكة مع مجمع سونلغاز، في حين تدعو جمعية حماية المستهلك إلى منح الأولوية إلى المناطق الحضرية، من خلال تزويد المدن الكبرى بهذا النوع من النهائيات، من منطلق أن السيارات الكهربائية لا تستعمل في العادة للمسافات الطويلة. وفي المقابل، أشار المتحدث إلى أن تفعيل قرار استيراد السيارات التي تعمل بمحركات الكهرباء أو الهجينة يستدعي أيضا الاستعداد من ناحية وضع الأطر العملية للصيانة والإصلاح وفرض خدمات الضمان وخدمات ما بعد البيع وتوفير قطع الغيار للوكلاء لكسب ثقة المواطن أو المستهلك المستعمل لهذه المركبات، كما أكد على أهمية التحضير لهذه المرحلة أيضا من الناحية الإدارية وإعداد البطاقات الرمادية الخاصة بهذه السيارات.
"الجهات المسؤولة مطالبة بتوفير كافة الشروط"
من جهته قال الرئيس السابق لجمعية وكلاء السيارات متعددة العلامات، يوسف نباش، إن من المنطقي توفير السلطات العمومية والجهات المسؤولة المختصة كافة الشروط التي من شأنها إنجاح هذه التجربة، إذ لا يكف فرض شروط استيراد السيارات الجديدة عبر إصدار الأطر القانونية على غرار دفتر الأعباء المنشور في الجريدة الرسمية، بل إن التجهيز الميداني ضروري. وأوضح المتحدث، في تصريحه ل"الخبر"، أن الوكلاء مع التوجهات التي تتبناها السلطات العمومية، بيد أنه لابد من طرح كل الأوراق على الطاولة بشفافية، وإعلام الشركاء (المتعاملين والوكلاء..) بالبرنامج الذي من المقرر أن تتبناه السلطات العمومية في هذا الاتجاه، في سياق تفعيل وضوح الرؤية الضرورية لإنجاح هذه التجربة. وعلى هذا الأساس، دعا نباش الجهات المسؤولة إلى أهمية اتخاذ التدابير العملية المرهون بها تحويل القرارات المتخذة من الورق إلى الواقع، لاسيما عبر العمل على توفير ولو تدريجيا النهائيات الخاصة بشحن السيارات الكهربائية أو تلك التي تعمل بمحركات هجينة.
العالم يسير نحو السيارات الكهربائية
ويعتزم كبار مصنعي السيارات في العالم استثمار ما يقارب 1.2 تريليون دولار إلى غاية سنة 2030 لتطوير وإنتاج ملايين السيارات الكهربائية، بالموازاة مع إنتاج البطاريات والمواد الخام لدعم هذا الإنتاج، حسب ما كشفت عنه تحليل وكالة "رويترز" للبيانات العامة والتوقعات التي أصدرتها هذه الشركات. وكشفت بيانات اتحاد مصنعي السيارات الأوروبيين، المعلن عنها خلال الأيام الماضية، أن مبيعات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات تعرف تزايدا كبيرا خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث شكلت 12.1 بالمائة من مبيعات السيارات الجديدة خلال 2022، مقارنة بما نسبته 9.1 بالمائة عام 2021 و1.9 بالمائة عام 2019، وارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية ب28 بالمائة العام الماضي أي سنة 2022، لتتجاوز أكثر من 1.1 مليون سيارة. حمى التوجه مستقبلا نحو الاستثمار في سوق السيارات الكهربائية مائة بالمائة بالموازاة مع السيارات الهجينة كمرحلة انتقالية مرده تذبذب أسعار الطاقة خاصة البترول ومحاولة الكثير من الدول الاستغناء عن هذا المورد الطاقوي الذي تفتقده، إضافة إلى أسباب تتعلق بالبيئة، حيث وافق الاتحاد الأوروبي، المكون من 27 دولة، على حظر مبيعات السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل، ابتداء من سنة 2035، لبناء اقتصاد خال من الكربون بحلول عام 2050 واستثمار 272 مليار دولار في صناعة السيارات الكهربائية، على الأقل خلال السنوات القادمة حسب ما صرح به لوكا دي ميو، رئيس رابطة منتجي السيارات الأوروبية والرئيس التنفيذي لشركة "رونو" الفرنسية لصناعة السيارات. ففي السنوات الخمس الأخيرة، بدأت مبيعات السيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين والديزل في التراجع شيئا فشيئا في البلدان الإسكندنافية التي تولي أهمية قصوى لقضايا الحفاظ على البيئة، وكمثال على ذلك وصل الرقم القياسي لمبيعات السيارات الكهربائية في النرويج أربع سيارات من أصل خمس سيارات جديدة سنة 2022. واستمر هذه التراجع على الرغم من أن سوق السيارات التقليدية لا يزال يمثل أكثر من نصف مبيعات السيارات في الاتحاد الأوروبي عام 2022 بما نسبته 52.8 بالمائة، كما كانت السنة الماضية سنة قوية للسيارات الهجينة، حيث حققت حصة سوقية بلغت 22.6 بالمائة.
إنتاج 54 مليون سيارة كهربائية تعمل بالبطاريات حتى عام 2030
السوق الواعد للسيارات الكهربائية دفع كبار مصنعي السيارات في العالم، حسب الأرقام الدورية التي يقدمونها وتنشرها المواقع المتخصصة في صناعة السيارات، إلى إنفاق ما يقرب من 1.2 تريليون دولار إلى غاية سنة 2030 لتطوير وإنتاج ملايين السيارات الكهربائية، جنبا إلى جنب مع البطاريات والمواد الخام لدعم هذا الإنتاج. ووضع مصنعو السيارات خططا لإنتاج 54 مليون سيارة كهربائية تعمل بالبطاريات حتى عام 2030، وهو ما يمثل أكثر من 50 بالمائة من إجمالي إنتاج السيارات في العالم. ولدعم هذا المستوى غير المسبوق من الإنتاج الخاص بالمركبات الكهربائية، تخطط شركات صناعة السيارات وشركاؤها في مجال البطاريات لتركيب 5.8 تيرا وات/ساعة من طاقة إنتاج البطاريات بحلول سنة 2030، وفقا لبيانات صادرة من وكالة تقارير الأسعار. فمثلا في السوق الآسيوية تستثمر شركة "هيونداي" الكورية الجنوبية 8.5 ملايير دولار السنة الجارية 2023 لزيادة إنتاجها من السيارات الكهربائية، كما تستثمر شركة "تويوتا" اليابانية 70 مليار دولار لتزويد المركبات بالكهرباء وإنتاج المزيد من البطاريات، وتتوقع بيع ما لا يقل عن 3.5 ملايين طراز كهربائي للبطاريات حتى سنة 2030، وتخطط لإنتاج ما لا يقل عن 30 نوعا من السيارات الكهربائية المختلفة. من جهتها قالت شركة "سوزوكي موتور" اليابانية الأسبوع الماضي إنها ستستثمر 2 تريليون ين لتعزيز أنشطة الإنتاج والبحث والتطوير المتعلقة بالسيارات الكهربائية بحلول سنة 2030. وستطلق شركة صناعة السيارات ستة طرازات من السيارات الكهربائية في كل من السوق اليابانية وسوق "سوزوكي" الأساسي، الهند، وستقدم الشركة أيضا خمسة طرازات في أوروبا. كما أعلنت شركة "سوزوكي موتورز" أنها ستطلق السيارات الكهربائية التجارية الصغيرة هذه السنة في اليابان، وسيتم توسيع تشكيلة السيارات الكهربائية لاحقا لتشمل طرازات سيارات الدفع الرباعي الأصغر والمركبات الصغيرة للركاب. من جهتها تواصل شركة "فورد" زيادة مستوى إنفاقها على السيارات الكهربائية الجديدة الآن عند 50 مليار دولار و240 جيغاوات/ساعة على الأقل من سعة البطارية مع شركائها، حيث تهدف إلى إنتاج حوالي 3 ملايين سيارة إلى غاية سنة 2030، وهو نصف حجم إنتاجها الإجمالي من السيارات والمركبات. وخصصت شركة "مرسيدس-بنز" ما لا يقل عن 47 مليار دولار لتطوير وإنتاج السيارات الكهربائية، ويمثل ما يقرب من ثلثي هذا المبلغ لتعزيز قدرة بطاريتها العالمية مع الشركاء إلى أكثر من 200 جيغاوات/ساعة. نفس منحنى الاستثمارات والإنفاق تخطط له كل من "بي أم دبليو" وشركة "ستيلانتيس" وشركة "جنرال موتورز" بغلاف مالي قيمته ما لا يقل عن 35 مليار دولار على المركبات الكهربائية والبطاريات، مع وضع شركة "ستيلانتيس" برنامج البطارية الأكثر قوة ب400 جيغاوات ساعة مع شركائها بحلول سنة 2030، بما في ذلك أربعة مصانع في أمريكاالشمالية.