وجه القضاء الفرنسي، أمس الخميس، صفعة جديدة لليمين المتطرف، وممثله في حكومة فرانسوا بايرو الهشة، وزير الداخلية برونو روتايو، الذي رأى في حيلة الطرد التعسفي للمهاجرين والمقيمين على التراب الفرنسي، فرصة لتصعيد الأزمة الدبلوماسية غير المسبوقة مع الجزائر. وقد أصدرت المحكمة الإدارية لميلون في ضواحي باريس، أمس في جلسة طارئة، حكما يقضي بإلغاء قرار الترحيل الإجباري للمؤثر الجزائري نعمان بوعلام المعروف باسم "دولامن" واستفادته من الإفراج. وحسب ما نقلته وسائل الإعلام الفرنسية، فقد أمرت ذات المحكمة أيضا من السلطة الإدارية لمنطقة هيرولت (جنوبفرنسا) بإعادة مراجعة وضعية المعني في غضون ثلاثة أشهر واستصدار تصريح إقامة مؤقتة له خلال هذه المدة. للتذكير، فقد تم ترحيل المؤثر الجزائري من قبل مصالح روتايو في طائرة إلى الجزائر في التاسع من جانفي المنصرم، إلا أن السلطات الجزائرية رفضت الإجراء "غير القانوني" لتقوم بإعادته إلى فرنسا في ذات اليوم. وقالت وزارة الخارجية الجزائرية، آنذاك ردا على اتهامات اليمين المتطرف ب "إذلال فرنسا" إنه "انخرط اليمين المتطرف المعروف بخطاب الكراهية والنزعة الانتقامية عبر أنصاره المُعلنين داخل الحكومة الفرنسية في حملة تضليل وتشويه ضد الجزائر، مُعتقداً بأنه قد وجد ذريعة يشفي بها غليل استيائه وإحباطه ونقمه". وأكدت الخارجية أن هذه "الفئة التي تحن إلى ماض ولى دون رجعة، أتاح لها -رفض الجزائر استقبال هذا المؤثر- الفرصة لإطلاق العنان لغلّها الدفين ولحساباتها التاريخية مع الجزائر السيّدة والمستقلة"، مشيرة إلى أن "اختيار هذه الفرصة لم يكن صائبا البتة، على اعتبار أنّ المواطن الذي صدر في حقه قرار الطرد يعيش في فرنسا منذ 36 عاما، ويحوز فيها بطاقة إقامة منذ 15 عاما، كما أنه أب لطفلين ولدا من زواجه من مواطنة فرنسية، فضلا على أنه مُندمج اجتماعيا، كونه يمارس عملا مستقرا لمدة 15 عامًا". وأضافت الوزارة أن "كل هذه المعطيات تمنحه بلا شك حقوقا كان سيُحرم من المطالبة بها أمام المحاكم الفرنسية والأوروبية، بسبب قرار طرده المتسرع والمثير للجدل، ونتيجة لذلك لم تُتح لهذا المواطن فرصة الاستفادة من محاكمة قضائية سليمة تحميه من التعسف في استخدام السلطة، خاصة وأنّ تنفيذ قرار طرده كان سيحرمه من الدفاع عن حقوقه خلال المحاكمة المقررة في 24 فيفري 2025". وفي انتهاك صريح، يختم بيان الخارجية، "للأحكام ذات الصلة من الاتفاقية القنصلية الجزائرية - الفرنسية الموقعة في 24 ماي 1974، لم يعتقد الطرف الفرنسي أنه من الضروري إبلاغ الطرف الجزائري، لا بتوقيف هذا المواطن ولا اعتقاله ولا احتجازه ولا حتى قرار طرده".