نجحت الجزائر، خلال سنة 2024، في كسب رهان التحكم في حرائق الغابات ومكافحتها، مسجلة بذلك نقطة امتياز وتفوق في التعاطي مع الظاهرة التي تعتبر فيها يد الإنسان المسؤول الأول والمباشر. وخلال ترؤسه اجتماع عمل بمقر الوزارة، استمع وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، يوسف شرفة، أمس السبت، إلى عرض حول تقييم موسم 2024، والتحضيرات القائمة لانطلاق الحملة الخاصة بالسنة الجارية من قبل المدير الفرعي للأملاك الغابية. وحسب ما أفاد به بيان للمديرية العامة للغابات، فإن اجتماع العمل المخصص لتقييم مختلف البرامج المتعلقة بحملة الوقاية ومكافحة حرائق الغابات لموسم 2025، قد تم بحضور كل من الأمين العام للوزارة، المفتشة العامة للغابات، المندوب الوطني للمخاطر الكبرى، محافظي الغابات ل40 ولاية المعنية بالظاهرة، إطارات من وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، وكذا إطارات من المديرية العامة للغابات. وفيما يخص تقييم موسم مكافحة الحرائق 2024، فإن حصيلة المديرية العامة للغابات تشير - حسب ذات البيان - "إلى تسجيل نسبة انخفاض الحرائق قدرت ب91 %، مقارنة بالمعدل السنوي المسجل خلال العشر سنوات الأخيرة المقدر ب40.000 هكتارا، فيما انخفض عدد البؤر بنسبة 73%". وفي هذا الصدد، ثمّن الوزير المجهودات المبذولة من طرف كافة الفاعلين، لاسيما أعوان الغابات والحماية المدنية والجيش الوطني الشعبي، الذين فعّلوا جهاز التدخل السريع، منوها أيضا "بالتحضير الاستباقي الذي ميز موسم 2024 التي شهدت استعمال وسائل عصرية كطائرات الإطفاء وطائرات من دون طيار". كما ألح شرفة على ضرورة الإبقاء على اليقظة وتبادل المعلومات بين كافة الأطراف. وفيما يخص تقييم التحضيرات لموسم الوقاية ومكافحة الحرائق لسنة 2025، أعطى يوسف شرفة تعليمات لاستكمال كافة العمليات الخاصة بمكافحة الحرائق، لاسيما فتح وتهيئة المسالك الغابية والخنادق المضادة للنيران، إنجاز أبراج المراقبة وحشد نقاط المياه، وذلك قبل نهاية شهر أفريل المقبل. بالإضافة إلى ذلك، وجه شرفة ب"تنصيب لجان تنفيذية وتزويد الولاة بتقارير الأشغال المنجزة، التحضير والعمل على تعزيز مناطق المراقبة المتقدمة، برمجة حصص مع الإذاعات المحلية من أجل الحديث عن الجانب الإيجابي والردعي لقانون الغابات، وبعث رسائل توعوية وتحسيسية حول مكافحة حرائق الغابات عبر وسائل الإعلام الوطنية كلما سمحت الفرصة بذلك". كما أكد الوزير أن مواقع التواصل الاجتماعي أيضا لها دور مهم في نشر ما تنجزه مختلف القطاعات، لاسيما قطاع الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، وكذا قطاع الغابات في المجال. وفي نهاية الاجتماع، "تم منح الأغلفة المالية حسب ميزانية البرامج والمتمثلة في مستخرج وثيقة الاعتمادات ومناصب الشغل لسنة 2025 للولايات الأربع التالية: بجاية، المسيلة، الجلفة وتيبازة"، يختم البيان. للإشارة، فقد أحصت الجزائر، خلال السنوات الأخيرة، خسائر بشرية ومادية وحيوية مهولة ناجمة عن حرائق الغابات، ففي سنة 2021 سجلت وزارة الداخلية والجماعات المحلية 103 حالة وفاة في عدد من ولايات الوطن، وخسائر بقيمة 15,65 مليار دينار في الثروة الزراعية والحيوانية، والسكنات، ومساحة غابية محروقة بلغت 100 ألف هكتار في 1631 بؤرة، في 16 ولاية، ولعلّه الأمر الذي دفع الحكومة آنذاك إلى الإعلان عن خطة لرفع الغطاء الغابي إلى 4,7 ملايين هكتار بحلول عام 2035، وإعادة تأهيل النظم البيئية المتضرّرة. ومع مباشرة مخططات الطوارئ، وتفعيل الإجراءات الاستباقية التي من شأنها أن تساهم في التحكم في الحرائق، على غرار كراء طائرات متخصصة في إطفاء الحرائق، وتكثيف الحملات التحسيسية، ودوريات الرقابة والتفتيش، سجلت ذات هيئة التنفيذية في العام 2022، 47 حالة وفاة، وخسائر بقيمة 1,5 مليار دينار في الثروة الزراعية والحيوانية، السكنات، ومساحة غابية محروقة قدّرت ب28 ألف هكتار في 1604 بؤرة. أما خلال صائفة 2023، التي شهدت تمركز مرتفع للضغط الجوي فوق المنطقة المغاربية، والجزائر بشكل أخص، وهو ما يطلق عليه ب"قبة الحر العظمى"، فقد تسببت الحرائق المسجلة آنذاك، في إتلاف أكثر من 41 ألف هكتار من المساحات الغابية، موزعة على37 ولاية متضررة، فيما أتلفت أكثر من 24 ألف هكتار من هذه المساحات خلال شهر جويلية فقط، خاصة في ولايات بومرداس، وتيزي وزو، وبجاية، وسكيكدة. وخلال العشر سنوات الأخيرة، وحسب البيانات الرسمية التي قدّمتها الحكومة خلال المؤتمر الدولي للبيئة في مدينة ستوكهولم بالسويد في 2023، فإن الجزائر فقدت أكثر من 30% من غطائها النباتي بسبب الحرائق التي التهمت آلاف الهكتارات من الأراضي الغابية والزراعية، أي ما يراوح ما بين 30 و40 ألف هكتار سنويا، بالإضافة إلى أسباب أخرى تتعلّق بالتصحّر.