لن أبالغ إذا قلت بأن أحسن مدرب في الدوري الجزائري حاليا هو الفرنسي روجي لومير، المشرف حاليا على فريق شباب قسنطينة، وهذا ليس لكونه توج بلقب البطولة أو نال كأس الجزائر، فهو ببساطة لم يفز بهما ، غير أن كل المتجولين عبر ملاعبنا هذا الموسم قطعا قد شد انتباههم ذلك السلوك الحضاري لهذا المدرب الفرنسي المخضرم، سواء فوق كرسي المناجرة أو في الفندق وفي الحصص التدريبية وغيرها من السلوكات التي تدل على أن الرجل فعلا هو إنسان من طينة الكبار ولم يتوج باللقب العالمي صدفة ، كما لم ينل كأسي أوروبا وإفريقيا بضربة حظ، فضلا عن كفاءته كتقني حيث مسيرته تتحدث عنه أحسن منا. ولعل مشاهدة لومير وهو يسعف شيخا بالمطار أصابته نوبة قلبية وتدخله لتهدئة من روع والد يضرب ابنه الصبي بعنف، وجمعه لقارورات الماء التي يلقي بها لاعبو الشباب بعد كل حصة تدريبية، وتحليلاته الكروية في كل جولة من مباريات الموسم، بعيدا عن الشتم والتهجم على الحكام، كلها سلوكات جعلت من لومير يستحق عن جدارة لقب مدرب الموسم في الجزائر. وحتى الجلوس الى جانب “روجي" للحديث معه عن كرة القدم سواء تلك التي عرفها في أعلى مستوى بفرنسا أو التي يعيشها الآن في الجزائر، يجعلك تحس بأن الشخص موسوعة في تجارب الحياة وتصرفاته مع لاعبيه أو لاعبي المنافس منذ مجيئه إلى بلدنا دروس لكل التقنيين الجزائريين الذين وجب عليهم استخلاص العبر في سلوكات لومير عسى أن يفقهوا فلسفة كرة القدم ومعنى قيادة فريق في هذا المجال. اليوم نسمع ونقرأ تصريحات مدربين شبان ومخضرمين يتهمون الحكام تارة ويشككون في نزاهة لاعبيهم تارة أخرى، يدوسون على أخلاقيات مهنة التدريب بدون خجل ولا تردد، وتناسى هؤلاء بأن المدرب قبل كل شيء هو مربي، وإذا غابت السلوكات التربوية فقد المدرب دوره الرئيسي في قيادة لاعبيه ولا تهم بعد ذلك النتائج الفنية . روجي لومير وهو يتحدث إلينا، تحس بأنك أمام علامة ليس فقط في كرة القدم بل في حسن التعامل والسلوك الحضاري، في وقت يضيق فيه صدرك وأنت تستمع إلى مدربينا وهم يتلفظون بكلام لا يليق من كرسي الاحتياط تجاه الجماهير الغاضبة أو ضد الحكام، وحتى ضد لاعبيهم ولاعبي المنافس ولا يحترمون المهنة التي يزاولونها، بل هناك من يعمل في الكواليس لترتيب نتائج المباريات ويسأل عن اسم الحكم ورقم هاتفه ومن يوصله إليه والأمثلة عديدة ومتعددة. ولأن الظل لن يستقيم مادام العود أعوج كما يقول المثل، فإننا لن ننتظر نهضة كروية في الجزائر ما دمنا لا نستثمر في المربين والمدربين، إذ كيف يكون لنا جيل كبير من اللاعبين بمدربين يرفضون أن يكونوا أصلا مربين؟.