ذهلت وأنا أطالع الأرقام المروجة هنا وهناك في وسائل الإعلام حول الأجور التي يطمح لنيلها لاعبو الدوري الجزائري العقيم، إلى درجة أن حارس مرمى يكون قد طلب ما يفوق ال450 مليون سنتيم للتعاقد مع أحد النوادي، في حين لم يتردد مهاجم كان دوليا في المطالبة بنصف مليار سنتيم شهريا، ويلح على إبرام عقد بعشرة ملايير سنتيم في موسمين….والأرقام مرشحة للارتفاع في سوق الانتقالات الصيفية لهذا العام. صحيح أن قلة اللاعبين الموهوبين يسبب لا محالة ارتفاعا في الأجور، تماما مثلما يحدث في سوق الخضر بين قلة العرض وكثرة الطلب، لكن أن يتحول الدوري الجزائري إلى بورصة يتم فيها تداول أرقام خيالية ، على شاكلة دوريات الخليج التي كانت تستقدم نجوما عالميين مقبلين على التقاعد بملايين الدولارات طبعا لأغراض تدخل ضمن سياسة الماركتينغ والدعاية فقط، لكن هذا ما لم يكن يتوقعه أحد في بلدنا سيما وأن أغلب النوادي تشكو ضائقة مالية ولاعبونا المحليون أبانوا عن مستوى متواضع طوال العشرين سنة الأخيرة بفعل سوء التكوين وقلته. وعندما طرحنا السؤال على بعض الرؤساء الذين يقبلون برفع الأجور إلى هذا الحد، رد الكل وبلغة واحدة وكأنهم متفقون على نفس المبدأ :» نعيطلو أحسن مما يروحلي من يدي»، وهنا وجب مواجهة منطق الرؤساء بفكر آخر، وعوض أن يفرض اللاعبون أجور السوق يجب على المسيرين التكتل لمحاربة التهاب الأسعار بمعنى أن يتفق الرؤساء على سقف محدد من الأجور لا يتجاوز سنتيما واحدا ، وكل لاعب يريد مبلغا أكبر مما هو محدد في السقف، فما عليه سوى الذهاب إلى بطولة أغنى تمنحه ما يريد سواء في فرنسا أو تونس والمغرب وغيرها، حينها فقط سيفهم هؤلاء اللاعبون بأن الأجور التي يأخذونها لا يستحقون نصفها والذين يعدون بمنحهم إياها، إما لأنهم جهلة لا يفقهون شيئا في كرة القدم والتسيير النزيه أو لصوص يجمعون الأرقام ومعها نسبهم المئوية لتحويل المال العام إلى جيوبهم، سيما وأن كل النوادي تعيش من بقرة سوناطراك بشكل أو بآخر وليس هناك أي رئيس ناد وضع فعلا يده في جيبه. وعندما سمع لومير وكوربيس وغيرهما من المدربين الأجانب ما يطلبه لاعبو الدوري الجزائري جلس واحد منهما من شدة الصدمة وقال لنا :» مثل هذه الأجور لا تمنح للاعبين موهوبين في القسم الأول الفرنسي، فكيف تقدم لمثل هؤلاء اللاعبين العاجزين حتى عن اللعب في الدرجة الثانية الفرنسية والبلجيكية والسويسرية ولا يفرضون أنفسهم في منتخبهم الوطني؟» كلام التقنيين الأجنبيين يتطابق وما ذهب إليه رفقاء بوعلام شارف، الذين لم يفهموا سبب تمادي مسيري النوادي في رفع أجور اللاعبين وأبطال الجزائر أو المتوجين بالكؤوس يعجزون عن بلوغ المربع الذهبي في رابطة أبطال إفريقيا، وهي المفارقة الكبيرة في بلدنا، فلا يوجد تفسير آخر غير أن المسيرين يتواطؤون مع اللاعبين ووكلائهم لرفع الأجور، كي ترتفع معها نسبهم المئوية التي يضعونها في جيوبهم بواسطة المناجرة السماسرة وفي الختام الكل يصرخ «فيفا لالجيري»، فمن قال بأن فضائح سوناطراك قضية سياسية وليست رياضية أيضا؟.