التنافس على استضافة مونديال 2006 كان الأشد منذ انطلاق أول نسخة، حيث تقدّمت خمس دول في البداية وهي إنجلتراوألمانياوجنوب إفريقيا والمغرب والبرازيل قبل أن تنسحب هذه الأخيرة ليبقى في السباق أربع دول، وتقرّر التصويت لأول مرة على ثلاث جولات، وعقدت أولى جولتين يوم 6 جويلية 2000، وحصلت ألمانيا على 10 أصوات وجنوب إفريقيا 6 وإنجلترا 5 والمغرب التي أقصيت 3، وفي المرحلة الثانية أقصيت إنجلترا بعد حصدها صوتين فيما استمرت ألمانيا الحاصلة على 11 صوتا وهو نفس رصيد جنوب إفريقيا، لتكون هناك جولة نهائية بين البلدين يوم 7 جويلية 2000 وفازت يومها ألمانيا بشرف التنظيم للمرة الثانية بعد حصولها على 12 صوتا مقابل 11 لجنوب إفريقيا، وقد راجت إشاعات بقوّة عن قيام ألمانيا برشوة بعد الأعضاء مقابل التصويت لملفها، ويذكر أن القيصر بيكنباور هو رئيس لجنة ملف ألمانيا. مفاجآت بالجملة في منطقة إفريقيا وترينيداد قلبت الموازين تصفيات النسخة 18 من كأس العالم لم تحمل الجديد في عدد المنتخبات المنخرطة، ولأول مرة لعب حامل اللقب في التصفيات كما لم تعرف منطقة أوروبا نتائج غير متوقعة بعد أن صعدت كل الفرق الكبيرة، لكن بخصوص التصفيات الإفريقية تغيّرت كل موازين القوى وتأهلت منتخبات كانت في الماضي تجد صعوبة في التأهل لكأس إفريقيا مثل الطوغو وأنغولا كما تأهلت كوت ديفوار وغانا لأول مرة مقابل إقصاء منتخبات كان لها باع في المونديال مثل الكاميرون ونيجيريا، وفي منطقة الكونكاكاف تأهل لأول مرة منتخب ترينيداد وتوباغو الذي قلب الطاولة على البحرين في لقاء السد ليكون ثالث منتخب من جزر الكاريبي في تاريخ البطولة. ميزانيّة ضخمة لإعادة ترميم الملاعب أنفقت الخزينة الألمانية على استضافة الدورة على أرضها أموالا ضخمة، خصوصا فيما يتعلق بإعادة بناء وترميم الملاعب كالملعب الأولمبي في ميونخ الذي هدم وبني من جديد بشكل حديث بالإضافة للملاعب القديمة الأخرى التي تم ترميمها بما يناسب المونديال، واعتمدت «الفيفا» 12 ملعبا لاحتضان الدورة من بينهم ملعبان كانا ضمن جمهورية ألمانيا الشرقيّة سابقا. الألمان كشّروا عن أنيابهم منذ لقاء الافتتاح بعد أن كان اللقاء الافتتاحي في دورات سابقة عديدة ينشطه حامل اللقب تغيّر الأمر بداية من دورة ألمانيا وأصبح مستضيف الدورة هو من يقص شريط الافتتاح، انطلق المونديال رسميا يوم 9 جوان 2006 بلقاء ألمانياوكوستاريكا على ملعب ميونخ تحت أنظار 66 ألف متفرج ويومها صال وجال رفقاء ميروسلاف كلوزه مسجل ثنائية في لقاء فازت به ألمانيا 2-4 وأكدت عن نواياها في تكرار إنجاز 74. الكبار تأهّلوا دون عناء مباريات الدور الأول جرت في الفترة بين 9 إلى 23 جوان وشهدت تأهل كل الفرق المرشحة إلى ثمن النهائي دون عناء بداية بألمانيا المتصدرة لمجموعة كوستاريكا وبولندا والإكوادور بثلاثة انتصارات، وإنجلترا متصدرة المجموعة الثانية متبوعة بالسويد بالإضافة للأرجنتين وهولندا اللتين هيمنتا على مجموعة كوت ديفوار وصربيا وتأهلت أيضا البرازيلوالبرتغال وإسبانيا بتصدرهم لمجموعاتهم بثلاثة انتصارات كما صعدت أيضا إيطالياوفرنساوسويسرا وأوكرانيا. الإكوادور، غانا وأستراليا أبرزمفاجآت الدور الأوّل كما حمل الدور الأول أيضا عدة مفاجآت تتمثل في تأهل الإكوادور على حساب بولندا صاحبة التاريخ الطويل، بالإضافة لغانا في أول مشاركة لها تأهّلت على حساب التشيك، وكذلك الشأن بالنسبة لأستراليا في حين لم يخدم الحظ كوت ديفوار لوقوعها في مجموعة الموت رفقة الأرجنتين وهولندا، كما غادرت ترينيداد وتوباغو والطوغو وأنغولا دون أي إنجاز يذكر. مانيش أوقف مشوار هولندا وزيدان أعاد الإسبان للديار مقابلات ثمن النهائي عرفت عدة مواجهات مثيرة بداية بلقاء البرتغال وهولندا والذي عاد الفوز والتأهل فيه لرفقاء البرتغالي مانيش مسجل الهدف الوحيد، أما فرنسا فأوقفت طموح الإسبان عند حده وأعادهم رفقاء زيدان للديار بنتيجة 1-3، كما فازت ألمانيا على السويد 0-2والأرجنتين على المكسيك بعد الوقت الإضافي 1-2، وإنجلترا على الإكوادور بنتيجة 0-1 وبنفس النتيجة تأهل أشبال مارتشيلو ليبي على أستراليا، ولم يجد السيليساو عناء في الصعود على حساب غانا 0-3، أما ضربات الجزاء فقد كانت حاضرة وفصلت لصالح أوكرانيا على حساب سويسرا. توتي رفع إيطاليا إلى السماء وهنري أعاد السيليساو إلى ريو دشن الألمان الدور ربع النهائي بتأهل صعب على منافسهم التاريخي المنتخب الأرجنتيني بضربات الجزاء بعد نهاية اللقاء بالتعادل 1-1، وعجز المنتخب البرازيلي عن الثأر من زيدان وفرنسا الفائزة عليهم بهدف وحيد سجله هنري في الدقيقة 57، وبدأ الأداء الإيطالي يرتفع مع مرور المقابلات ولم يجد رفقاء توتي مسجل الثنائية صعوبة في التأهل على حساب أوكرانيا 0-3، عكس البرتغال المتأهلة بشق الأنفس أمام إنجلترا بضربات الجزاء في سيناريو مشابه لأورو 2004. الوقت الإضافي ذبح الألمان وزيدان فعلها من جديد نصف النهائي الأول بين أصحاب الأرض الألمان وإيطاليا شهد «سوسبانس» إلى غاية الوقت الإضافي لما تمكن رفقاء ديل بيرو من تسجيل هدفين بعد انهيار أشبال كلينسمان، وفي اللقاء الثاني عاد زيدان من جديد وكأنه شاب في العشرين وسجل هدف الفوز الوحيد على البرتغال مؤهلا فرنسا لثاني مرة للنهائي. ضربات الجزاء منحت الآتزوري رابع تاج اللقاء النهائي احتضنه الملعب الأولمبي ببرلين أمام 69 ألف متفرج يوم 9 جويلية بين فرنساوإيطاليا، إذ تسارعت الأمور في الشوط الأول بعدما افتتح زيدان باب التسجيل لفرنسا بضربة جزاء على طريقة الكبار باغتت بوفون، قبل أن يرد عليه ماتيرازي بهدف التعادل في الدقيقة 19، واستمر الحال على ما هو عليه إلى غاية الوقت الإضافي الذي شهد طرد زيدان بعد نطحته الشهيرة لماتيرازي، وفي ضربات الجزاء عادت الكلمة الأخيرة لرفقاء الحارس بوفون 5-3 لتحصل إيطاليا على المونديال الرابع وتقترب رويدا من بلوغ رقم البرازيل. زيدان منقذ فرنسا والنطحة الشّهيرة كلّ من تابع باهتمام دورة ألمانيا يؤكّد أن نجمها بدون منازع هو زين الدين زيدان الذي قدم فيها أداء أفضل مما قدمه في نسخة 98 وكان له الفضل في بلوغ فرنسا الدور النهائي بأهدافه أو تمريراته الحاسمة، ويبقى خروجه من الملاعب في اللقاء النهائي أيضا يصنع الحدث ونطحته لماتيرازي ستبقى في ذاكرة المونديال مثلها مثل نطحته للكرة التي سكنت مرتين شباك تفاريل سنة 98.