كشف الأستاذ عبد الوهاب زكاغ، الخبير والمدير العام للوكالة الوطنية لحفظ الممتلكات الثقافية، أن قلعة الجزائر ستأوي عقب الانتهاء من عملية ترميمها "متحف تاريخ الجزائر" الذي ستروي جدرانه أصالة الشعب الجزائري وبسالة مقاوميه، وتضم أركانه تحفا ومحتويات شاهدة على صمود من تشبّعوا بقيم النبل والشهامة وأبوا إلا أن يخلّدوا نضالهم التحريري في سجل التاريخ العالمي. وأكد السيد زكاغ، خلال الجولة التي قادت أول أمس، وزيري الثقافة والمجاهدين مرفوقين بوالي العاصمة إلى قلعة الجزائر، أن عملية ترميم الموقع بلغت نسبة تتراوح ما بين 60 و70 بالمائة، مضيفا أن العملية لابد أن تكون مبنية على الدقة والروية وهو ما يستلزم بين 3 إلى 4 سنوات عمل أخرى.وتوقف الوفد الوزاري ووالي العاصمة، عند مختلف أجنحة القلعة التي خضعت للترميم، والبداية كانت من جزء الجدار الذي انهار عام 2012، حيث أكد زكاغ ل"المساء" أن الجدار رمم بنسبة 100 بالمائة وحافظ على 70 بالمائة من بنيته الأصلية، كاشفا أنه لن يسمح مستقبلا بمرور السيارات من "باب جديد" لما تسببه من أضرار على أسوار القلعة. وتلقى الوفد المتكون من السيدة نادية لعبيدي، والسيدين الطيب زيتوني، وعبد القادر زوخ، شروحات وافية عن عملية الترميم وكذا العقبات التي تبطئ إتمامها، وذلك من طرف السيد زكاغ، والمشرفين على عملية ترميم مختلف أجزاء القلعة، علاوة على متابعة عرض بالتقنية ثلاثية الأبعاد ل"قصبة الغد". وتم بالمناسبة استعراض عملية ترميم قصر الداي (دار السلطان) التي انطلقت مؤخرا بجناح الأغوات الذي بلغت نسبة ترميمه90 بالمائة، وفيه دعا السيد زكاغ للتفكير في إمكانية التوقيع على اتفاقية تعاون مع وزارة البيئة لغرس أشجار العرعار التي تستعمل لتثبيت جدران المباني العثمانية والتي باتت (أشجار العرعار) في تناقص مستمر. كما توقف الوفد عند المسجد الذي يعرف عملية ترميم واسعة هو الآخر، إلى جانب دار البارود التي بلغت نسبة ترميمها 35 بالمائة بعد أن انطلقت في 2013. قصر الداي الذي شهد حادثة المروحة الشهيرة، أسفرت الحفريات في فنائه عن اكتشاف نظام كامل لتجميع مياه الأمطار، عمد الاستعمار الفرنسي إلى ردمه بالكامل، وأوضح السيد زكاغ، وهو يفصل أجزاء القصر أن الحفريات مكّنت الخبراء من ايجاد أجوبة حول مختلف التصدعات وانهيار أجزاء من القصر، حيث أن السبب كله يكمن في نظام تجميع مياه الأمطار.الوجهة الثانية خلال هذه الزيارة المخصصة لمواقع العاصمة الأثرية، والتي جاءت على ضوء التعليمات التي أسداها الوزير الأول عبد المالك سلال، خلال المجلس الوزاري المشترك المخصص لولاية الجزائر يوم 11 سبتمبر الفارط، كان موقع "لالاهم" الذي سيشكل بعد تهيئته وتجهيزاته "الحديثة الأثرية" وهو المشروع الذي سيرى النور بعد إعادة إسكان العائلات التي كانت تتخذ من الموقع مكانا يأويها وعددها 122 عائلة استفادت من إعادة إسكان عام 2012. جامع كتشاوة الذي عرفت عملية ترميمه تأخرا كبيرا بسبب النزاع الذي كان قائما في وقت سابق بين وزارة الثقافة، ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف، حول الإشراف على عملية الترميم توقف عنده الوفد بعد أن فصل في عملية ترميمه الوزير الأول عد المالك سلال، عندما قبل العرض التركي لترميم المسجد خلال الزيارة الأخيرة لطيب رجب أردوغان للجزائر، وانطلقت عملية الترميم مؤخرا ومن المقرر أن تدوم 24 شهرا. وبعد زيارة الحفريات الأثرية بساحة الشهداء وأقبية الفنانين المقابلة للأميرالية، أكدت وزيرة الثقافة السيدة نادية لعبيدي، خلال لقاء اعلامي بمقر ولاية الجزائر، أن هذه الزيارة الميدانية انطلاقة لتجسيد المخطط الدائم لحماية القصبة، متمنية استمرار متابعة ما ينجز في هذه الورشة الكبيرة، وأضافت أن استجابة السلطات التنفيذية يترجم العمل المتكامل والتنسيق الموجود للوصول إلى وضع رؤية مأمولة للقصبة. وأوضحت المسؤولة الأولى عن الشأن الثقافي، أن الهدف من الزيارة هو إلزام الجميع بالحفاظ على هذه الجوهرة ومتابعة عملية ترميمها، لتصبح إطارا معيشيا وسياحيا ملائما بامتياز، وكشفت أن دائرتها الوزارية شرعت منذ شهر تقريبا في عقد لقاءات على مستوى الولاية، لوضع رؤية شاملة حول كيفية تجسيد مخطط حفظ القصبة، مع العمل على توطيد العلاقة مع المجتمع المدني وإشراكه في مساعي الحفظ والحماية، وقالت "العمل التنسيقي ما بين الوزارات والولاية وكذا المجتمع المدني يبعث فينا الأمل على تحقيق حلم ترميم القصبة". من جهته، اعتبر والي الجزائر العاصمة عبد القادر زوخ، أن هذه الجولة جاءت لإعطاء انطلاقة حقيقية للتكفل بالقصبة الرمز والذاكرة والتراث، وأضاف أنه من الضروري الحفاظ على هذه المقومات وتثمينها.