أبرز الوزير الأول، عبد المالك سلال، أمس، بمالابو، أهمية بعث شراكة مدرة للفوائد المشتركة بين القارة الإفريقية وتركيا، وأعرب بالمناسبة عن قناعة الجزائر بإمكانية تحقيق الأهداف المحددة في إطار هذه الشراكة، مؤكدا بأن قمة مالابو ستعمل على تكريس نموذج جديد من الشراكة من أجل تعزيز التكامل والتنمية المستديمة في إفريقيا، لا سيما في ظل عمل هذه الأخيرة على ترقية أشكال جديدة من التعاون والشراكات التي تقوم على أساس الاحترام المتبادل والتكامل وتوازن المصالح والمنفعة المتبادلة.. وأبرز السيد سلال في كلمة ألقاها أمام رؤساء الدول والحكومات المجتمعين بعاصمة غينيا الاستوائية في إطار الدورة الثانية لقمة إفريقيا-تركيا، الأهمية التي أولتها القارة السمراء لانعقاد القمة الأولى إفريقيا-تركيا في سنة 2008 من أجل إطلاق شراكة بين الطرفين، معربا في سياق متصل عن ارتياحه لانعقاد القمة الثانية التي تسمح، حسبه، بالمضي قدما في ترقية هذه الشراكة. كما أكد السيد سلال الذي مثل رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، في قمة مالابو، بأن الجهود التي بذلها الطرفان، مكنت من قطع خطوات معتبرة، مستدلا بتطور المبادلات التجارية وتحسن الاستثمار والمساعدة العمومية للتنمية والتعاون التقني. واعتبر الوزير الأول هذه الديناميكية تسمح للطرفين بوضع بتصور تعاون أكبر ومحدد المعالم، من شأنه تطوير العلاقات بين إفريقيا وتركيا. وبعد أن ذكر بأن إفريقيا تعمل على ترقية ووضع أشكال جديدة من التعاون والشراكات التي تقوم على أساس الاحترام المتبادل وتوازن المصالح والمنفعة المتبادلة والتكامل، أكد السيد سلال أن قمة مالابو ستعمل على تكريس نموذج جديد من الشراكة من أجل تعزيز التكامل والتنمية المستديمة في إفريقيا، داعيا في نفس الإطار إلى اعتماد مبادرات متجددة. واعتبر الوزير الأول أن آفاق الشراكة للمدى البعيد، تبقى مرهونة بالحلول المقدمة للتحديات التي تواجهها إفريقيا، فيما يخص امتصاص العجز في البنى التحتية الاقليمية وتحويل الهياكل الاقتصادية وحماية البيئة والتنمية البشرية وتحسين القدرات العلمية، وذكر في سياق متصل بأن إفريقيا تنتظر استثمارات مباشرة وشركات مختلطة وأنماط متنوعة من الشراكة، مشددا على ضرورة أن تعمل الدول في إطار الشراكة الإفريقية التركية، على اتخاذ إجراءات ملموسة لتسهيل تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والعلمية والتقنية ولثقافية. وأوضح بأن هذه المشاركة ستكون لها انعكاسات إيجابية على نمو الاقتصاد التركي وتمكين التطور المستمر للعلاقات التركية-الافريقية. وفي حين ذكر بأن إفريقيا وتركيا واصلتا في السنوات الأخيرة المشاورات التي أبرزت تطابقات بشأن العديد من المسائل الدولية، أكد السيد سلال ضرورة تكثيف هذه المشاورات، في ظل عالم يواجه تعدد الازمات وأشكال التوتر، مبرزا بأن الرهان المطروح بين الطرفين يتمثل في ترقية تنسيق وثيق حول المسائل ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما منها "المرتبطة بالسلم والأمن الدولي ومكافحة الارهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان والتجارة الدولية وإصلاح الحكامة الدولية والتغييرات المناخية وتحقيق أهداف الألفية للتنمية لما بعد 2015". وأعرب الوزير الأول في الأخير عن قناعة الجزائر بأن الأهداف المحددة في إطار الشراكة بين إفريقيا وتركيا يمكن تحقيقها، معتبرا وثائق القمة المتمثلة في تصريح مالابو ومخطط التنفيذ وأجندة المشاريع ذات الأولوية تمثل "ركيزة أساسية لإعطا دفع قوي للشراكة الافريقية التركية". وقد انطلقت، أمس، أشغال القمة أفريقيا-تركيا على مستوى قادة الدول والحكومات بمشاركة الجزائر التي تعتبر عضوا مؤسسا لمبادرة الشراكة الجديدة من أجل التنمية في إفريقيا، ممثلة بالوزير الأول عبد المالك سلال والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل. وحضر القمة رؤساء دول المجموعات الاقتصادية الاقليمية والاتحاد الافريقي وشركاء التنمية لإفريقيا فيما تشارك تركيا في هذا الحدث، بوفد يضم أزيد من 200 رجل أعمال ووزير الشؤون الخارجية وموظفين سامين يقودهم الرئيس رجب طيب أردوغان. وقد اتفق رؤساء الدول والحكومات المجتمعون في العاصمة الغينية مالابو على إدانة الارهاب بكل أشكاله وتجلياته واعتبار الجرائم المرتكبة من طرف الجماعات الإرهابية، انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان الأساسية وكتهديد دائم على أمن البلدان وسلمها واستقرارها. وفي هذا الإطار، التزمت إفريقيا وتركيا حسبما جاء في الوثيقة الختامية للقمة بمكافحة الارهاب ومنع دفع الفدية للجماعات الارهابية، كما التزمتا بمكافحة الاتجار بالمخدرات وبالبشر وغيرها من أشكال الجريمة المنظمة والعابرة للأوطان. من جانب آخر، اتفق الطرفان الإفريقي والتركي على تكثيف تبادل الاستثمارات وتشجيع إقامة العلاقات التجارية المباشرة، حيث تبرز الوثيقة الختامية للقمة في هذا الإطار التزاما من أجل تعبئة الموارد المالية المستدامة لصالح التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا وتركيا مع تكثيف استثمارات القطاع الخاص في البرامج الثقافية والاعلامية وتعزيز التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا والتعليم العالي وتعزيز التعاون في مجال الصحة من خلال ترقية المراكز الطبية ومراكز المراقبة والوقاية من الأمراض والأوبئة وتعزيز نجاعة المعاهد و إثراء برامجها التكوينية. كما قررت إفريقيا وتركيا مواصلة الجهود من أجل تحقيق أهداف الألفية للتنمية إلى غاية 2015، حيث أعرب الطرفان بهذا الصدد عن قناعتهما بأن أجندة التنمية لما بعد سنة 2015 تتيح مناسبة فريدة لتجسيد تصورهما المشترك حول عالم سلمي وعادل خال من الفقر ويحترم البيئة. وقرر الطرفان أيضا دعم البرامج ذات الأولوية القارية في إفريقيا مثل الآلية الافريقية للتقييم من طرف النظراء ومخطط التنمية الصناعية المستعجلة لإفريقيا وتشجيع التجارة البينية في إفريقيا وإنشاء منطقة التبادل الحر وبرنامج تطوير البنية التحتية والعقد الإفريقي للمرأة 2010-2020. واعتمد المشاركون بعد الدراسة مخطط تنفيذ الشراكة بين إفريقيا وتركيا للفترة الممتدة بين 2015 و2018 وكذا العدد من المشاريع ذات الأولوية في الشراكة بين إفريقيا وتركيا لنفس الفترة والتي أعدها وزراء الشؤون الخارجية. وقد أكد المتدخلون خلال الاجتماع الوزراي المنعقد عشية لقاء القمة إرادة الدول الإفريقية إنجاح الشراكة في مختلف القطاعات وأبدى وزراء أفارقة ومسؤولون في الاتحاد الافريقي ارتياحهم للتقدم المعتبر الذي أحرزته الشراكة المربحة للطرفين، وأشار وزير الشؤون الخارجية التركي بالمناسبة بأن القمة ستساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين إفريقيا وتركيا، معتبرا سعي الطريفين إلى تحسين الشراكة يترجم "إرادة المضي قدما معا لما يخدم مصلحة شعوب إفريقيا وتركيا". للتذكير، كان الاتحاد الإفريقي قد أعلن تركيا شريكا رسميا سنة 2008 وهي السنة التي انعقدت فيها بالعاصمة التركية أسطنبول أول قمة بين الطرفين واعتمدت فيها وثيقتين أساسيتين، (تصريح إسطنبول وإطار التعاون)، اللتين تحددان مجالات التعاون بين الطرفين.