وصل الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، أمس، الدوحة لترؤس أشغال الدورة الخامسة للجنة المشتركة العليا بمعية نظيره القطري، الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، والمزمع انطلاقها اليوم. وقد كان في استقبال السيد سلال بمطار الدوحة وزير المالية القطري علي شريف العمادي. ويرافق السيد سلال في زيارته الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، السيد عبد القادر مساهل. وعلاوة على ترؤسه أشغال الدورة، ستكون هذه الزيارة مناسبة للسيد سلال للالتقاء بمسؤولي هذا البلد، حيث سيتحادث على التوالي مع كل من الشيخة موزة بنت ناصر المسند وأمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى جانب رئيس مجلس الوزراء وزير الشؤون الداخلية، الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني. من جهة أخرى، ينتظر أن يشرف الوزير الأول بمناسبة تواجده بالدوحة على تدشين المقر الجديد للسفارة الجزائريةبالدوحة، ليلتقي بعدها بأفراد الجالية الجزائرية بهذا البلد ثم مع رجال الإعلام الجزائريين. يذكر أن أشغال اللجنة المشتركة العليا الجزائرية - القطرية قد سبقت باجتماع خبراء البلدين، حيث تدارسوا مشروع 15 وثيقة تعاون بين اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذي ستعرض على اللجنة المشتركة العليا. وينتظر أن تسمح أشغال الدورة للطرفين بتقييم علاقات التعاون في شتى الميادين، إلى جانب التوقيع على العديد من الاتفاقات والبرامج الرامية إلى تعزيز العلاقات التي تربط بين البلدين". وحسب بيان لمصالح الوزير الأول فإن "تعزيز وتوطيد الشراكة الاقتصادية بين مؤسسات البلدين سيشكل من جهة أخرى محور المباحثات التي ستجري بين مسؤولي البلدين". وقد صرح المدير العام للبلدان العربية بوزارة الشؤون الخارجية، السيد عبد الحميد شبشوب، على هامش الأشغال، أن العديد من القطاعات تشارك في أشغال هذه اللجنة من بينها الطاقة الصناعة، التربية، التعليم العالي، الأشغال العمومية الفلاحة وغيرها. وفي هذا السياق، أكد شبشوب أن علاقات التعاون بين الجزائروقطر متميزة ومتعددة، مشيرا على سبيل المثال إلى مشروع مصنع "بلارة" للحديد والصلب بجيجل ومشروع تحويل الفوسفاط والأسمدة الفوسفاطية، إلى جانب الصندوق المشترك الاستثمار الجزائري- القطري. وتسعى الجزائروقطر بمناسبة انعقاد هذه الدورة إلى توسيع تعاونهما، ليشمل مجالات جديدة تضاف إلى ما يجمعهما من اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم بدأت تعطي ثمارها في الميدان، كما أنه من شأن هذه الدورة إضفاء لبنة جديدة تسهم في توطيد علاقات البلدين وتفعيلها بما يخدم مصلحتهما ومصلحة شعبيهما. وشهدت العلاقات السياسية بين البلدين تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، حيث أن سنة الحوار والتشاور بين البلدين لم تنقطع بالرغم من الظروف المضطربة التي تعيشها المنطقة العربية وتجلى ذلك في استمرار تبادل الزيارات بين كبار مسؤولي البلدين والتي كانت أبرزها زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الجزائر في أفريل 2014 وقبلها زيارة الوزير الأول السيد عبد المالك سلال إلى قطر في مارس 2013، ناهيك عن زيارة الرئيس بوتفليقة لقطر في أواخر سنة 2011 بمناسبة انعقاد قمة منتجي الغاز الطبيعي. وبلا شك فإن هذه الدورة ستكون مناسبة لتعميق التشاور السياسي بخصوص العديد من القضايا العربية والإقليمية، في مقدمتها الأوضاع في فلسطين وسوريا وليبيا وفي المنطقة الإفريقية، لا سيما بعد أن تم الاتفاق فيما سبق على تكثيف المشاورات الدبلوماسية خصوصا التعاون والتضامن في إطار المجموعتين العربية والإفريقية وكذا تعزيز التشاور وتنسيق العمل على مستوى الأممالمتحدة والمحافل الدولية. ولم يقتصر التعاون الجزائري-القطري على المجالات الاقتصادية والسياسية بل تعداهما ليشمل المجال العسكري، حيث نذكر في هذا الصدد زيارة نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، إلى قطر في جانفي 2014 وكذا زيارة وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري اللواء الركن حمد بن علي العطية إلى الجزائر شهر أكتوبر الماضي. وعلاوة على التشاور السياسي المستمر بخصوص القضايا العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فإن الجزائروقطر ترتبطان بجملة من الاتفاقيات، تخص العديد من المجالات الاقتصادية، في مقدمتها المناجم والنقل البحري والنفط والغاز والصناعة البتروكيمياوية والفلاحة. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه تم التوقيع على 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم تتعلق بالتعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية عقب الدورة الرابعة للجنة المشتركة الجزائرية - القطرية التي انعقدت في شهر جانفي الفارط بالجزائر. كما كانت هذه الدورة فرصة للجانبين للتعبير عن إرادتهما في استغلال كل السبل والوسائل المتاحة من أجل إضفاء الطابع المثالي على علاقات التعاون الثنائي بما يخدم مصلحة شعبي البلدين. وتتعدد أوجه التعاون بين الجزائروقطر، ولعل من أهمها التعاون على صعيد إنتاج الحديد والصلب وإنتاج وتصدير الغاز، حيث يعد البلدان عضوين في منتدى الدول المصدر للغاز. كما أن أبرز اتفاق بين البلدين يتمثل في مجمع للصلب الموقع في ديسمبر الماضي بين شركة "سيدار" الجزائرية و"قطر ستيل" لإنشاء مصنع للحديد والصلب ببلارة في ولاية جيجل بطاقة إنتاج 4.2 ملايين طن سنويا. وعلى صعيد آخر، كانت الجزائروقطر قد وافقتا في وقت سابق على إنجاز محطة للطاقة الكهربائية بطاقة 1200 ميغاواط بمنطقة بلارة، لتموين مشروع الحديد بالطاقة الكهربائية، على أن يتم ربطها بالشبكة الوطنية للاستفادة من فائض الكهرباء، الذي يفوق حاجة المحطة التي يتوقع أن تبلغ تكلفة إنتاجها حوالي ملياري دولار هي الأخرى. ويجمع البلدان العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تتعلق بالتعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية، حيث تشير بعض الأرقام إلى أن قطر تعتبر من أبرز دول مجلس التعاون الخليجي في مجال الاستثمار بالجزائر بحجم استثمارات قطرية تفوق 600 مليون دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة في قطاعات، السياحة، البنوك، التجارة والسكن.