بلغت الأزمة السياسية في إسرائيل درجة الاحتقان التام؛ مما جعل الوزير الأول بنيامين نتانياهو يجد نفسه مرغما على الدعوة إلى انتخابات عامة مسبقة بداية العام القادم. وبلغ الوضع السياسي في الكيان الإسرائيلي المحتل هذه الوضعية على خلفية الشرخ الذي أحدثه قرار حكومة الاحتلال بالمصادقة على قرار يعتبر إسرائيل "دولة قومية لليهود"؛ في خطوة اعتبرها اليسار ويمين الوسط الإسرائيلي، خطوة عنصرية وتزيد من تصعيد موجة العنف التي تعرفها الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، كما تزيد في إحكام العزلة الدولية على الكيان الإسرائيلي؛ بسبب سياساته العدائية تجاه الفلسطينيين. وكان من المنتظر أن يعرف مقر الكينيست اليوم عرض هذا القانون الحكومي للنقاش قبل أن تتسارع الأحداث في الساحة الإسرائيلية باتجاه الانسداد التام؛ مما جعل البرلمان يدعو إلى مناقشة مشروع قرار لحله والدعوة إلى انتخابات مسبقة. ويُنتظر أن يُصدر النواب قرارهم النهائي اليوم أو يوم الإثنين القادم على أقصى تقدير، ليتحدد معه مصير حكومة نتانياهو. ويبدو أن هذا الأخير يريد توجيه النقاش باتجاه خيار الحل، وهو الذي عمل طيلة توليه مقاليد الحكومة على تكريس العداء تجاه الفلسطينيين، وشحن الساحة الإسرائيلية بأفكار عنصرية غير مسبوقة، جعلت من الأحزاب اليمينية والدينية المتطرفة أكثر استقطابا للمستوطنين الذين أصبحوا يصوّتون لصالح حزب مثل "شاس" الديني المتطرف، و«إسرائيل بيتنا" الذي يقوده المتطرف وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، بالإضافة إلى حزب الليكود نسخة نتانياهو. وهو واقع يعطي مؤشرات على أن تركيبة الكنيست القادم ستكون أكثر تطرفا، وتجعل من نتانياهو أو أي وزير أول آخر في أريحية من أمره في إدارة الشأن الإسرائيلي من دون مضايقات من أحزاب اليسار والعمل، الذين أصبحوا مع مر السنوات مجرد أقلية عديمة التأثير في القرارات الحاسمة في إسرائيل. ورغم ذلك فإن نواب هذه الأحزاب لن يفوّتوا فرصة مناقشة قانون الدولة القومية لليهود في إسرائيل لإثارة مخاطر هذا القانون على تجانس المجتمع، بعد أن انقسم الإسرائيليون بشأنه في مشهد عكس حقيقة التوجهات الفكرية في مجتمع خليط من عدة جنسيات أصلية، قبل أن يصبح هجينا ليهود الشرق ويهود الغرب وآخرين من أمريكا. ويبدو أن أحزاب اليسار التي دعت إلى انتخابات نيابية مسبقة ثلاث سنوات كاملة قبل انتهاء عهدة البرلمان الحالي، إنما كانت تهدف من وراء ذلك إلى إسقاط حكومة نتانياهو لمنع تمرير هذا القرار العنصري. والحقيقة أن رئيس الحكومة الإسرائيلي الذي قاد حكومة الاحتلال ثلاث مرات متتالية، يبقى متأكدا من الفوز بعهدة رابعة، يقوم على إثرها بتشكيل ائتلاف حكومي من نفس عائلته السياسية، التي تتبنى المواقف المتطرفة والعنصرية ضد الفلسطينيين، وتعمل على تحدي المجموعة الدولية في كل ما يتعلق بمسار السلام مع الفلسطينيين، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بمبدأ حل الدولتين. وإذا تكرست مثل هذه القاعدة فإن عهد تداول السلطة بين الليكود والعمل في إسرائيل بالتداول، قد انتهى لصالح تركيبة أحزاب متطرفة، تمكنت مع السنوات من إحداث تغيير جذري في الخارطة السياسية الإسرائيلية مع قاسم مشترك بينها؛ العداء والكراهية ضد العرب رغم التباين الكبير في مواقف بعضها؛ بين علمانيّ ملحد وأخرى دينية تلمودية.